كل يوم

الزعيم المضطرب.. والنتائج الكارثية

سامي الريامي

لا يمكن أبداً فصل الصفات الشخصية للمتحكم في عملية صنع القرار في قطر، الأمير الأب حمد بن خليفة، عن القرارات التي يتخذها، والتي تترجم تلقائياً إلى سياسات داخلية وخارجية، تؤثر في علاقات قطر بمحيطها والعالم، وفي الأوضاع الداخلية، نظراً لانعكاساتها على مواطنيها، حيث يبقى كل شيء مرهوناً بتلك الشخصية المتحكمة في تحريك كل الأشياء، فتتحول أهواؤه الشخصية، وأمراضه، وحالته المزاجية، إلى سياسات وقرارات ومواقف تتخذها دولته!

وإذا أردنا في الأغلب تفسير تخبط وازدواجية السياسة الخارجية القطرية، التي تضر بمصالح جيرانها وتؤذيهم، فلا يمكننا الوصول إلى نتائج دقيقة وتفسيرات علمية من دون ربطها بأهواء ومزاجية شخصية حمد بن خليفة آل ثاني، الذي غاب عن المشهد شكلياً، لكنه في الواقع هو المتحكم الفعلي في جميع قرارات وسياسات الدولة حالياً! حيث إن عهده هو الذي شهد بداية الشرخ في العلاقة مع الجيران، وكذلك الخراب العميم الذي ساد المنطقة العربية، وامتدت آثاره إلى أماكن بعيدة عبر العالم.

تقول النظرية العلمية إن ثمة فرقاً بين الأعراض النفسية والأمراض النفسية، التي قد تظهر على دكتاتور ما، أو شخصية متفردة في صنع القرار، فمثلاً كلنا نصاب بالحزن أو الاكتئاب من موقف ما، مثل الفشل في اختبار، أو أي شيء آخر، لكن هذا يختلف عن مرض الاضطراب المزمن، الذي تصاحبه أعراض أخرى، مثل عدم الإحساس ببهجة الحياة، وفقدان الحماسة للعمل، وقلة التركيز، والشعور بعدم القيمة.

وعدم الإحساس ببهجة الحياة، وبالقيمة الذاتية، مشاعر صعبة، قد تدفع بصاحبها، أو بـ«المريض النفسي»، إلى التصرف بشكل غير عقلاني، وغير متوازن، وقد تولد لديه رغبة جامحة في تصدير هذه الأعراض إلى غيره، دون الإحساس بنتائج أفعاله الكارثية على الآخرين، فتصبح بهجته في سلب بهجة الحياة من غيره!

وما تسبب فيه حمد بن خليفة من كوارث، شملت الدمار والموت لكثيرين، قد يُعبّر عن شخصية تحمل هذه الأعراض أو شيئاً منها، فلا يمكن لأحد أن ينسى صداقته القوية جداً مع القذافي، إلى الدرجة التي أمن فيها على نفسه من مصارحته بخططه السرية للإضرار بالمملكة العربية السعودية، وتغيير نظام الحكم فيها، وبدا ذلك واضحاً في تسريب المحادثة الشهيرة بينهما، وبعد فترة قليلة انقلب على الزعيم الليبي، وكان سبباً رئيساً في الإطاحة به وقتله، ما أسفر عن خراب دولة بأسرها، وهو لايزال يعبث بها إلى الآن!

والسيناريو ذاته تكرر مع بشار الأسد، الذي كان أحد الأصدقاء الشخصيين المقربين من حمد بن خليفة، وما لبث أن انقلب عليه، وأصبح هو الداعم والممول بالمال والسلاح لتنظيمات متطرفة، قضت على الدولة السورية بأكملها، وأسهمت في تهجير ملايين العائلات والأطفال، ولم تقضِ على الأسد!

ويبدو أن الشراسة في الذهنية المصابة بخلل نفسي تزيد تجاه الأقربين بشكل خاص، ما يجعله أكثر نشوة وفرحة إن استطاع أن يؤذي أهله وجيرانه، ويكيد لهم بشكل خفي، في حين يظهر لهم علناً بوجه الأخ المحب، خصوصاً إن اختلطت تلك الأعراض النفسية بعرض آخر، هو الشعور بصغر الحجم، والنقص تجاه أقرانه وأهله وجيرانه، لذلك فإيذاء من هم أكبر منه يجعل ذلك المريض يشعر بالبهجة والارتياح، ظناً منه أنه بذلك اكتسب القوة!

كل تلك الأعراض واضحة تماماً في شخصية حمد بن خليفة، لذلك فإن المتتبع لسيرته وأفعاله، منذ توليه الحكم إلى هذا اليوم، سيدرك أننا أمام شخصية غامضة، غير متوازنة، وسيدرك أيضاً أنه من الصعب جداً انتهاء الأزمة مع قطر، ومن الصعب جداً أن تتخلى قطر عن سياساتها العدوانية تجاه دول مجلس التعاون، في ظل وجود وتفرد حمد بصنع القرار هناك!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر