كل يوم

على قطر الاختيار..

سامي الريامي

الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين ضد قطر غير مسبوقة، وغير مألوفة في محيط دول مجلس التعاون، وهي شديدة وقاسية، نعم هذا صحيح، لكن قبل أن يتطرق البعض لنقاش ذلك، عليه أن يعرف أن السياسات القطرية المؤذية لدول المجلس والمهددة لأمن واستقرار السعودية والإمارات والبحرين غير مسبوقة أيضاً، وغير مألوفة في محيط دول المجلس، وغير مبررة وبعيدة كل البعد عن روابط الجيرة وقرابة الدم ووحدة الدين!

الإجراءات هي ردة فعل لأفعال خطيرة، صبرت عليها دول المجلس سنوات طويلة، راعت في تلك السنوات كل ما يجب مراعاته، صمتت كثيراً، وتجاهلت كثيراً، وسامحت كثيراً، وراعت المشاعر، واحترمت التاريخ والجغرافيا، تحملت من أجل الشعب القطري الشقيق، والشعوب الخليجية، عملت حساباً للتقاليد الخليجية والعربية، وللتراث المشترك، والعلاقات الأخوية الوثيقة، لروابط القربى والدم، فكرت كثيراً جداً في مستقبل شعوب وكيان مجلس التعاون، ووضعت الأمن والأمان والاستقرار واستمرار التنمية فوق جميع الاعتبارات الأخرى، ومع ذلك فإن الفعل القطري تجاه كل ذلك لم يتغير، بل على العكس من ذلك تصاعدت وتيرته، وتمادى في تجاوزاته واستهتاره بعد أن اعتبر هذا الصبر، وهذه الحكمة ضعفاً وقلة حيلة، واستمر في نشر الفوضى والدمار كهدف استراتيجي!

الإمارات حريصة كل الحرص على استمرار مسيرة التعاون الخليجي، وحريصة على تماسك دول مجلس التعاون، ولن تفرط يوماً في هذا الكيان، والإجراءات المتشددة ضد قطر هي في مصلحة بقية دول المجلس، لمواجهة الفعل التخريبي القطري الهادف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، والمتمثل في اللعب على التناقضات ودعم الجماعات الإرهابية المختلفة خدمة لأهداف غامضة وغير مفهومة!

مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيستمر بقطر الجديدة إن التزمت بتعهداتها وعدلت مسارها السياسي، أو من دونها، فهي لا تملك حق التحكم في مصير المجلس، وهي لا تملك حق إلغاء التاريخ والحاضر والمستقبل الخليجي، وهي ليست صاحبة قرار إنهاء هذا الكيان الذي وُجد ليبقى، فهو مصيرنا ومستقبلنا، وهو مستقبل الشعوب الخليجية التي لن تتخلى عنه.

قطر حالياً أمام مفترق طرق، وأمامها خياران لا ثالث لهما، فالظروف الحالية لم تعد كما كانت، والتحديات الضخمة التي تواجه المجلس لا تحتمل وجود دسائس وسياسات عدائية من دولة شقيقة، لذا فعلى الحكومة القطرية أن تختار طريقها، إما الرجوع للحضن الخليجي، ومراعاة الجيرة وروابط القربى والدم، وتعمل على تغيير سياساتها وتلتزم باتفاق الرياض الذي وقعه أميرها، وتقدم ضمانات على ذلك، فالمصالحة يجب أن تكون بشروط دولية ومراقبة دولية، لأن توقيع الأمير وحده لم يعد ضماناً، أو أمامها أيضاً خيار المكابرة والإنكار، والاستمرار في سياساتها الخارجية الداعمة للإرهاب والممولة للإرهابيين والمهددة لأمن واستقرار الدول العربية، وبذلك تكون اختارت الانسلاخ من محيطها العربي والخليجي، وضحّت بكل شيء للدخول طواعية في فلك إيران!

بالتأكيد جميعنا مع الخيار الأول، فلا أحد يريد التصعيد وتفاقم الأمور، والوصول إلى نقطة اللاعودة، ولكن القرار النهائي في يد الحكومة القطرية، وهي من تملك حق الاختيار، ولا أحد يستطيع التكهن بنوعية القرار الذي يمكن أن تختاره الدوحة، كما لا يستطيع أحد التكهن بعواقب اتخاذها قرار المكابرة والاستمرار في سياساتها العدائية!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر