كل يوم

بعيداً عن التعصب.. النظرة الشاملة لقرار دمج الأندية

سامي الريامي

بالتأكيد هناك شريحة من جماهير ناديَي الأهلي والشباب تحديداً، ليسوا مع دمج الأندية، لا أعرف تحديداً إن كانوا أقلية أم العكس، لكن من الواضح وجودهم، بل من الطبيعي وجودهم، فالكرة والأندية تعجّان بالمتعصبين والمتحيزين، هذا التعصب يحصر تفكيرهم في زاوية واحدة فقط، لا ينظرون إلى غيرها، ولا يفكرون في غيرها، وهذه الزاوية تعيقهم عن النظرة الشاملة المتفحصة إلى القرار بكل تداعياته وأبعاده الحالية والمستقبلية!

يعتقدون أن تاريخ النادي أهم من مستقبله، بل أهم من مستقبل المدينة والأجيال التي ستتلاحق على هذا النادي، يعتقدون أن ولاءهم للون واحد وشعار واحد واسم واحد، هو الأهم، وأن الحياة الرياضية لن تستقيم ولن تستمر من دون هذا اللون وهذا الشعار وهذا الاسم، يريدون أن يفرضوا وجودهم ورأيهم، في كل قرارات النادي من تعيين مدربين وشراء لاعبين والتعاقد مع الأجانب، بمبالغ كبيرة، في حين أن كثيراً منهم يرفض دفع قيمة تذكرة مباراة واحدة لفريقه، ويريد الدخول مجاناً بحجة الحب والولاء للنادي!

لا أود مهاجمة أحد، وكما ذكرت فوجود هذه الفئة أمر طبيعي للغاية، ولن نلومهم على ذلك، بقدر ما نطلب منهم التفكير في الأمر من بقية الزوايا، والأهم التفكير في الأجيال المقبلة، في أبنائهم وإخوانهم، اللاعبين وغير اللاعبين، لأن الوضع الحالي، والصرف الحالي، والبذخ الحالي، لا يمكن أن يستمر طويلاً، بكل تأكيد ستستمر الحكومة في دعم الأندية، عاماً وعامين وثلاثة وربما أكثر، لكن سيأتي اليوم الذي سترفع الحكومة يدها عن الأندية، وسيأتي اليوم الذي سيسأل فيه المجتمع بأسره، وبكل شرائحه، موظفين ومهندسين وأطباء، عن سبب هذا البذخ والصرف من دون حساب أو مردود على الأندية واللاعبين!

مع احترامي لتاريخ الأهلي والشباب، هناك تاريخ جديد كُتب أمس، تاريخ ستحفظه الأجيال المقبلة، إنه ليس اليوم الذي أصدر فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قراراً بدمج ثلاثة أندية، بل هو اليوم الذي أعاد فيه سموه مسيرة الأندية إلى المسار الصحيح، وهو اليوم الذي غيّر فيه سموه مفهوم الكرة والاحتراف الخاطئ الذي انحرفت فيه الأندية عن معنى الاحتراف الحقيقي!

النظرة المنطقية الشاملة يجب أن تكون على مستوى إمارة دبي، هذه المدينة التي تضم ستة أندية رياضية، وهو عدد ضخم أيضا مقارنة بعدد الشباب المواطنين الذين يحق لهم الانضمام لهذه الأندية، وهو عدد ضخم مقارنة بالميزانيات الحكومية المخصصة للصرف على هذه الأندية، هذه الحقيقة التي يتجاهلها كثيرون، ويعلمها قليلون، فالأرقام لو نُشرت بشفافية لصُدم منها المجتمع، وتالياً بقاء الوضع على ما هو عليه كان سيؤدي في نهاية الأمر حتماً إلى إغلاق عدد من هذه الأندية بشكل نهائي، فهل مثل هذا القرار سيكون مقبولاً عند الجماهير؟!

قرار الدمج المليء بالحكمة، والمبني على تشخيص واقعي وميداني دقيق، بعيداً عن العواطف والمجاملات، نتج عنه كيان رياضي عملاق، قادر على المنافسة، وقادر على الاعتماد على نفسه مالياً واقتصادياً، وقادر على احتضان شباب الإمارة في أجواء مريحة بشكل أفضل، قد لا تتحقق هذه الأمور غداً ولا بعد موسم أو موسمين، فالأمور الاستثمارية والتخطيط الاستراتيجي يحتاجان إلى جهد ووقت، ولكن بكل تأكيد فالمستقبل أفضل في ظل وجود هذا الكيان الرياضي الموحد، ولاشك أيضاً في أنه سيدفع الأندية الأخرى إلى التفكير بجد وبعيداً عن العاطفة أيضاً في تصحيح مسار الرياضة الإماراتية، لأن قرار دمج أندية دبي الثلاثة سيكسر الحاجز النفسي عند الأندية الأخرى لتعيد ترتيب حسابات المستقبل.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر