كل يوم

الإصرار على عودة المبالغة في أعراس الرجال!

سامي الريامي

قادتنا قلوبهم على الشعب، يفعلون كل شيء من أجل مصلحة أفراده، يريدون الخير لهم، ومن ذلك توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بترشيد الإنفاق في حفلات الأعراس المخصصة للرجال، واقتصارها على «فوالة» في ساعات العصر، وانتهاء الحفلة بعد المغرب، وقبل حلول وقت العشاء، وذلك لوقف التبذير والصرف المبالغ فيه على موائد العشاء في حفلات الرجال.

سموه لم يُصدر قراراً مُلزماً، لكنه وجّه بذلك، واتفق لاحقاً معظم القبائل في كل الإمارات، لأن الأمر في الأول والأخير منطقي جداً، وفيه مصلحة عامة للجميع، وفيه توفير وترشيد في مجال صرف مُبالَغ فيه، ولا أهمية كبيرة تُرجى من الاستمرارية فيه.

ومع ذلك، وبعد الالتزام بهذا العُرف الجديد لسنوات عدة، ومع أن الأمر فيه مصلحة عامة، والتزمت به كل شرائح المجتمع، بدأ التحايل من البعض على هذا السلوك الجميل، فهناك من يبحث دائماً عن الاختلاف، وهناك من يعشق التفاخر في كل شيء، وهناك من يعشق التبذير والصرف ببذخ معتقداً أن في ذلك وجاهة ومكانة اجتماعية!

بدأ التحايل على التوجيهات بطريقة غريبة، حيث بدأ البعض إقامة موائد عشاء ضخمة للغاية بمناسبة العرس، لكنها قبل اليوم المحدد للعرس بفترة، تصل أحياناً لأسبوع أو أقل، وفي مكان مختلف عن صالات الأعراس المعروفة، تُشيّد الخيام، وتُذبح الذبائح، و«الجعادين»، بأعداد كبيرة ومُبالَغ فيها للغاية، وبعدها بأسبوع أو أقل، يأتي المعازيم مرة أخرى لصالة العرس في الوقت المحدد للاحتفال مرة أخرى، لكن هذه المرة من غير عشاء!

تحايل غريب رفع كلفة العرس إلى أكثر من الضعف، وأخرج مفهوم حفلة الرجال في فترة العصر من مضمونه الرئيس القائم على توفير موائد العشاء، وعلى البساطة وعدم المبالغة، بل إنه بكل غرابة جمع بين الاثنين، من غير داعٍ أبداً، فالعشاء أُقيم وببذخ، وحفلة الاستقبال أيضاً أُقيمت، والصرف تم على الحالتين معاً، فأي تفكير هذا؟ وأي تحايل هذا؟ ولماذا أصلاً كل هذا؟!

مجتمعنا صغير نسبياً، والمشكلة الرئيسة هي أن هذا الفعل قد ينتشر ويصبح عُرفاً جديداً، وإذا أصبح كذلك، فسيتحول إلى شرط من شروط الأعراس، وتالياً سيرجع المجتمع إلى المربع الأول، مربع المبالغة والصرف بتبذير، وهدر الأموال والأطعمة، هذه العادات التي اختفت لسنوات عدة، ويحاول البعض الآن إرجاعها عن جهل بهدف التفاخر والبحث عن وجاهة اجتماعية زائفة!

لا يوجد ربط بين الفرحة والتبذير، والناس لا يشاركون أقرباءهم وأصدقاءهم الفرحة من أجل الأكل والشرب، لا أحد يفعل ذلك، ومعظم الرجال تأقلم مع الوضع الجديد القائم على «فوالة» العصر، فهي أجمل وأسهل وأكثر بساطة وجمالاً، ولا يوجد سبب مقنع يجعل البعض يرفض هذا النمط الجميل ليعود إلى عادات سلبية لم يجنِ منها المجتمع إلا الخسارة، بل رفعت تكاليف الأعراس لمستويات خيالية جعلت من العرس شيئاً صعباً ومعقداً، لماذا هذا التصرف؟ ولماذا هذا الإصرار على هذا الصرف؟ لا تفسير لذلك!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر