كل يوم

المشكلة ليست في مدرّب جديد!

سامي الريامي

مهدي علي ترك المنتخب، وسيأتي مدرّب غيره، وهناك منتخب جديد للفترة المقبلة، وفقاً لما صرّح به رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم، مروان بن غليطة، فهل هذا كل شيء؟ وهل ستنتهي مشكلة الكرة الإماراتية بذلك؟!

بالتأكيد لا، كرة الإمارات ليست مشكلتها مدرباً جديداً، ولا منتخباً جديداً، بل هي بحاجة ماسّة إلى نظام جديد، ورؤية جديدة، تحتاج إلى نظام شامل وكامل، يلغي الموجود، ليبني عليه فكراً جديداً يقوم على وضع الأمور في نصابها، وإنشاء منظومة جديدة تتناسب فيها الإمكانات المالية، مع الميزانيات المخصصة، لتواكب المخرجات المتوقعة.

دعونا ننسَ وَهم الاحتراف، ونعالج الانحراف الشديد في كرة الإمارات، هذا الانحراف الناجم عن سوء فهم لمعنى الاحتراف الحقيقي!

المشكلة ليست في من يدرّب المنتخب، هناك مشكلة أكبر، فاللاعبون أساساً لم يعد لديهم الدافع والرغبة الحقيقية في بذل ما بوسعهم داخل الملعب، لا يوجد هناك حافز حقيقي، لم يعد اللعب في المنتخب شيئاً مهماً، أصبح شيئاً هامشياً إضافياً لا يغير من واقع اللاعبين شيئاً، فما يحصلون عليه من رواتب خيالية في أنديتهم، يجعل المنتخب لا يعني لهم شيئاً مفيداً، لعبوا فيه أم لم يلعبوا، فازوا في مبارياتهم مع المنتخب أم لم يفوزوا، فعقودهم مع الأندية مستمرة، والملايين تحوّل لحساباتهم، والمنتخب ليس إلا تحصيل حاصل، بل ربما يعتبره بعضهم تضييع وقت!!

إنه الاحتراف الإماراتي، وهو بالمناسبة لا علاقة له بمفهوم الاحتراف العالمي، إنهما شيئان مختلفان تماماً، الاحتراف في العالم التزام قبل كل شيء، التزام بساعات تدريب ليل نهار، والتزام داخل الملعب وخارجه، إنه حقوق وواجبات، وعقوبات أيضاً، إنه مال مقابل أشياء كثيرة مطلوبة من اللاعب نظير هذا المال، إنه تقيّد بشروط صعبة، ولا مجال للتلاعب فيها أو عدم تنفيذها، لا يستطيع اللاعب مهما بلغت شهرته أو مستواه الفني أن يتلاعب بشروط الاحتراف، إنه صناعة قبل أن يكون رياضة!

أما الاحتراف الإماراتي فهو لم يخرج عن مفهوم «تفريغ» اللاعبين، الذي كان سائداً قبل تطبيق الاحتراف، وأصبح هو المعنى الحقيقي للاحتراف هُنا، مع تغيير في شيء واحد فقط، في قيمة المال، فالتفريغ كان يعني تسجيل اللاعب ضمن وظيفة حكومية وإعطاءه راتب هذه الوظيفة، دون أن يكون ملزماً بالحضور والدوام الفعلي، أما الاحتراف فهو تسجيل لاعب في وظيفة «لاعب» مع مضاعفة الراتب إلى 100 و200 ضعف راتب الوظيفة!!

التغيير فقط في الراتب الخيالي الذي لا يقابله أي التزام، لا داخل الملعب ولا خارجه، سهر وشيشة وسيارات فارهة، واهتمام معدوم بالصحة والغذاء، وصرف دون مقابل، ولاعبون مدلّلون، لا حماس فيهم ولا رغبة جدية لتمثيل بلادهم، فلديهم كل ما يريدون وزيادة، والمنتخب لن يضيف لهم أي جديد!

نحتاج إلى أن نعيد النظر في منظومة الاحتراف بالكامل، ونحتاج إلى أن نعي الدرس جيداً، فلا هذا المنتخب، ولا غيره، سيحقق للإمارات أفضل مما تحقق، علينا أن ندرك أننا وصلنا كأس العالم بإمكانات أقل، وصرف أقل، وأموال أقل، والملايين الحالية التي تصرفها الأندية على اللاعبين لن تفيدنا بشيء، ولن تحقق لنا إنجازاً أفضل ممّا تحقق، فعلى الأندية والاتحاد إعادة صياغة الخطط المستقبلية، ووضع الميزانيات بما يتناسب مع الأهداف المرسومة، والنتائج المتوقعة، والكتاب واضح من عنوانه، ولا يمكننا أن نتوقع الأفضل في ظل المعطيات الحالية!!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر