كل يوم

أمر حكيم من ولي أمرٍ حكيم..

سامي الريامي

أمرٌ حكيم، من ولي أمرٍ حكيم، راعى فيه جميع الجوانب التي ربما لا تخطر على بال أحد، فالعقوبة التي أمر بها ضد مخالفي «سيتي ووك»، والتي تطبق للمرة الأولى في الدولة، هي أيضاً مغلفةٌ بالرحمة، فلم يغب عن فكره أن هؤلاء المخالفين مازالوا أحداثاً في سن الطيش والتهور، لذلك أبعدهم عن قضبان السجون، وعاقبهم بطريقة رادعة لهم ولغيرهم، فضمن بذلك أن فعلهم المتهور لن يمر من دون عقوبة رادعة، ليكونوا عبرة لغيرهم من الشباب، وفي الوقت نفسه ضمن لهذه العقوبة ألا يتأثر بها مستقبلهم التعليمي أو المهني، في حال لو كان مصيرهم السجن.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تدخل بنفسه في هذه القضية، لأن ما حدث لم يكن شيئاً عادياً، ولأن أبعاد وتأثير ذلك الاستعراض والاستهتار في الشباب والمجتمع، خطيرة للغاية، ففيه تطاول على القانون، وتهديد لسلامة الأفراد الآمنين في منطقة سياحية مكتظة بالمارة والعائلات والأطفال، لذا لم يكن من المعقول أن يمر مثل هذا الفعل من دون ردة فعل قوية، ولأنه فعل خطير يحدث للمرة الأولى بهذه الطريقة، كانت العقوبة أيضاً تحدث للمرة الأولى بهذه الطريقة، أربع ساعات خدمة مجتمعية في المنطقة ذاتها، ولمدة شهر كامل، وهذه الساعات تشمل تنظيف الشوارع وترتيبها، وسيؤدي هذه المهمة كل من السائق المتهور، وصديقه المُحرّض، وثالثهما مصور اللقطات المثيرة من داخل السيارة!

لم يلجأ سموه إلى سجن هؤلاء الشباب، فالسجن قد يؤدي إلى عواقب أشد غير مستحبة، فقد يعرّضهم للفصل من مدارسهم، ووظائفهم، إن كانوا موظفين، كما أن سجنهم لن يفيد المجتمع بشيء، في حين أن للخدمة المجتمعية فائدة مباشرة، وفيها عقوبة «معنوية» مؤلمة، وفيها عظة وعبرة للجميع، لذلك هو بالفعل قرار حكيم من رجل حكيم.

بقي الآن أن تتحرك الجهات المعنية، لاستصدار قانون الخدمة المجتمعية كعقوبة بديلة عن السجن، للجُنح والقضايا الجزائية البسيطة، وللمتهورين والطائشين، وغيرهم من الفئات التي يمكن ضمها لمثل هذا القانون، فالحكومة تخسر ملايين الدراهم جرّاء سجنهم، في حين يمكن للمجتمع أن يستفيد منهم بشكل أفضل.

مثل هذا القانون ليس بدعة، ولا هو ابتكار جديد، بل هناك كثير من الدول طبقته بشكل أو بآخر، فلا مانع من دراسة التجربة في تلك الدول، والوقوف على إيجابياتها وسلبياتها، ومن ثم الخروج بمشروع قانون يناسبنا، ويناسب مجتمعنا، ويقلل الضغط على السجون، والصرف عليها، وأعتقد أن الوقت مناسب جداً لمثل هذا القانون، خصوصاً أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم سهّل كثيراً مهام هذه الجهات، ووضع لها أساساً قوياً لقانون الخدمة المجتمعية كعقوبة بديلة عن السجن، من خلال مخالفي «سيتي ووك».

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر