أبواب

قِطفٌ أحمر..

أحمد حسن الزعبي

كنت أسأل دائماً ما شعور الصرّاف في البنك وهو يعد مئات الآلاف من الأوراق النقدية يومياً بين استلام وتسليم، بينما بالكاد يملك في جيبه مصروف آخر الشهر؟! بالأمس اكتشفت أنه ليس صاحب المهنة الوحيد المبتلى بهذا الامتحان النفسي..

صانعو الدببة الحمراء والورد المستعار، كم يقضون من أوقاتهم خلف ماكينات الخياطة والنسج والحشو والتزيين ليخرج المنتج في أبهى صورة، لكنهم لا يملكون هذه الهدايا، ولا يملكون قرار إهدائها لمن يحبّون، ربما لأن ليس لديهم الوقت ليحبّوا كما غيرهم من المحتفلين بـ«الفلانتاين»، فالوردة لا تغني عن الرغيف في لحظات الجوع، وصانع الفرح لا يملكه، في هذا الزمن المقسوم إلى قسمين: شقاء وترف.

بالأمس، خرجت الدببة من مخابئها الشتوية في محال الهدايا، وتم فتح أبواب المستودعات الكبيرة لها لتهرب إلى متداوليها، لتُعلّق على واجهات المتاجر وعلى «فترينات» الدكاكين، علّها تكون هدية بين محبَّين.. وأنا أمشي في السوق، أمس، قلت في نفسي لقد مرّ الزمن من هنا؛ وصار مرور من هم في أعمارنا بين هذه المحال بمحض المصادفة يثير الدهشة.. كان أصحاب المحال يقفون في أبوابها ينتظرون زبائنهم من الأعمار الصغيرة؛ وكلما رآني أحدهم أدار ظهره ودخل محلّه ولسان حاله يقول «هذا الرجل شغل بطاطا وبندورة وجرجير»، إنه ليس من جماعة «الدباديب» الحمراء بالتأكيد.

بالأمس، كانت «الدببة» معلّقة بأحجام مختلفة على حبل الزينة، تشبه تماماً طريقة تعليق الخراف في الملاحم الشعبية، المحال والدكاكين كلها كانت تتبع أسلوب العرض نفسه، قِطفٌ من الدببة ينزل من سقف المحل، أو يتأرجح على الباب كما هبت ريح خفيفة، ليذكّر العاشق الناسي بالذكرى، تُرى هل ينسى العاشق الجاد الحبيب في مثل هذه المناسبة؟

أحد الفتية اليافعين اشترى، أمس، خمسة دببة ليكتب العبارة نفسها إلى خمسة أسماء مختلفة، إلى حبي «الأوحد» كل عام وأنتِ بألف خير.. فعرفت أن الحب ليس بخير! وقلت في نفسي لحسن الحظ أن هدايا الحب الرمزية صنعت صامتة ولا تنطق بما ترى.. ربما ليبقى الأمل معقوداً بين قلبين لا ندري كم يستمر فصلهما الأحمر!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر