كل يوم

خطوة رائدة.. تحتاج إلى خطوات كثيرة لاحقة

سامي الريامي

نجاح دبي في إنتاج أسماك مميزة بكميات تجارية، للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، ليس خبراً عادياً، بل خبر مهم جداً، يجعلنا نتفاءل كثيراً بالخطوات التي تتبعها الدولة عموماً نحو تحقيق الأمن الغذائي، ولو بشكل نسبي، حيث يكمن هُنا الهدف الأكبر والأهم من مجرد إنتاج سمك، ولتحقيق هذا الهدف بشكل أفضل لابد من دعم هذه المشروعات، وتحفيز المستثمرين المواطنين على الدخول فيها، بشكل غير محدود.

إنجاز مزرعة أسماك «فيش فارم» الوطنية غير مسبوق على المستوى المحلي، حيث استطاعت إنتاج أربعة أنواع من الأسماك، هي: (سيباس، وسيبيريم، وأنبرجاك، ورويال سيبيريم)، وهي أسماك تعيش في بيئات تشهد انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة، بحكم موطنها الأصلي في المياه الباردة والمتجمدة، وظن كثيرون أن بيئة الإمارات لن تنتجها أبداً، لكن المزرعة المحلية ستنتج 2300 طن منها، لتحقق بذلك اكتفاء نسبياً في الأسواق المحلية، وهذا هو الإنجاز بعينه.

الإنتاج المحلي من هذه الأنواع يعدّ إنجازاً وطنياً مهماً، بل هو تحدٍّ نجحت دبي في اجتيازه، بعدما وفرت بيئات مغلقة (أحواضاً) مكيفة الهواء.

بدأت الخطة بإنتاج 200 طن، وبصورة تدريجية تعززت الخطة لتصل إلى 1750 طناً، وتطورت لتبلغ 2300 طن بحلول نهاية العام الماضي. والجميل في الأمر أن هذه الخطة ستضمن تحقيق نقلة نوعية، ستتطور وتصل إلى إنتاج 6000 طن من الأسماك، ولاشك في أن ذلك سيحقق قفزة كبيرة في تلبية الطلب المحلي، وسيوفر هذه النوعيات المرغوبة من الأسماك بشكل مستمر، من غير ارتباط بتقلبات الجو أو السوق أو الأوضاع الخارجية والمحيطة.

توفير الغذاء يجب أن يكون من أولى أولوياتنا، خصوصاً أننا نستورد تقريباً كل شيء، من كل مكان، ما يجعل الأمر مقلقاً ومرهقاً ومكلفاً، لذا فإن نجاح شركة وطنية في مجال مهم من مجالات الأمن الغذائي، يستحق كل رعاية واهتمام ودعم من الجميع، من المجتمع قبل الحكومة، ومن جميع المعنيين، خصوصاً أن هذه المشروعات مكلفة وليست سهلة، وتستخدم وسائل حديثة، وفي المقابل، فإنها تحقق نتائج إيجابية، مقارنة بالأسماك الأخرى التي تستورد من خارج الدولة من الأنواع ذاتها، إذ قد يحتوي بعضها على مكونات ضارة بالمستهلكين، فيما تمتاز أسماكنا بخلوها من مثل هذه المكونات الضارة.

المزرعة تُنتج أسماكاً طازجة تجمع من الأحواض المائية مباشرة، ولديها فرق عمل مهنية ذات خبرات عالمية، تتجاوز خبراتهم 30 عاماً في هذا المجال، ويجرون فحوصاً دورية على أحواض السمك، التي يتم التحكم بدرجة حرارتها وتغذيتها وسلامتها الصحية والبيئية، واستطاعت أن تنافس أكبر دول العالم المنتجة للأسماك.

لاشك في أن خطوة إنتاج هذه الأسماك رائدة ومميزة، ولاشك في أن المشروع مهم، بل في غاية الأهمية، لكن من الضروري أن يصبح الاستثمار في المجال الغذائي نهجاً مستمراً، وأن يصبح الدعم الحكومي للمواطنين الراغبين في الدخول في هذه المجالات واسعاً وغير محدود، خصوصاً أن وزارة التغير المناخي والبيئة تستهدف إنتاج الأسماك، لتحقيق طفرة في المخزون السمكي في الدولة، وتُخطط لإنتاج 100 ألف طن من الأسماك عبر المزارع مستقبلاً، وهذه الخطة الطموحة تستحق إجراءات وخطوات طموحة أيضاً، وجهداً ومتابعة ودعماً أكبر بكثير مما هو موجود الآن!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر