مزاح.. ورماح

الفيتنهم..؟!

عبدالله الشويخ

لأننا نؤمن بأن الحوار الحضاري وتقبل الآخر، هو ما يفتقده الكثيرون في حواراتهم حول القضايا السياسية المختلفة.. لذلك فقد كان يصفني باستمرار بالمتطرف الصغير، بينما أصفه باستمرار بخائن العروبة، كان الحوار سجالاً بهذه الطريقة في محاولة كل منا إقناع الآخر بأن آراءه هي الصحيحة، وتم استخدام ألفاظ وعبارات و«إيموجيات» مختلفة، أدت إلى خروج صديقنا المطوع من الجروب، ومعرفة بقية أعضاء الجروب بأسماء أجدادنا السبعة.. استفزني كثيراً حينما عرفت أنه كان يقصد بالـ(صغير) طولي وليس عمري، حاولت استفزازه أكثر بأن وضعت صورة طائفية جداً في ملفي التعريفي، فقام السخيف بوضع صورة لسايكس وبيكو سيئي الصيت.. وحينما رأى مدير الجروب ما وصلت إليه الألفاظ في النقاش، وبناء على الخبر الذي نشرته صحيفتنا قبل فترة، بأن كل مدير مسؤول عن الأعضاء قام بحذفنا مباشرة.

وعلى عادتي في مراجعة النقاشات التي أخسر في كل منها صديقاً أو اثنين بعد فترة، ولكي أتأكد من أنني لم أخبص كثيراً ولم أفضح اسم أمه أمام بقية الأعضاء، كنت أراجع المحتوى لأكتشف أن عضواً ما طلب مني ونحن في قمة الحوار، وإتيان كل طرف بدلائله، طلب مني هذا العضو المنتمي لجيل أصغر أن أرسل له صورتي «ثري دي»، كان طلباً غريباً لم أنتبه له في حينه، لكنني وكنوع من التعويض على التجاهل قمت بالبحث في المواقع المختلفة، ووجدت أن الكثير منها يقدم خدمة تحويل الصورة الشخصية إلى رسم ثلاثي الأبعاد، منها على سبيل المثال برنامج «مايا»، ومنها موقع «كونفيرت إيميج» أو تطبيق «فايس أون كوينز»، وغيرها، وقمت بالفعل بوضع الصورة الجميلة التي تراها مع هذا المقال على عملة معدنية وأرسلتها إليه، ليصلني الرد بعد ثوانٍ: «أعوذ بالله.. ما هذا أيها المريض؟»، «ألم تطلبها؟»، «أريد صورتك (ثري دي)، هي جملة تستخدم كناية عن إعجابي بك وبأفكارك وردودك!»، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل كمّ الإحراج الذي شعرت به تجاهه، وتجاه التطبيق، وتجاه صورتي الجميلة التي تراها مع هذا المقال!

نحتاج فعلياً إلى ردم هوة المصطلحات الاجتماعية، التي يستخدمها الجيل الأصغر، لكي نستطيع على الأقل اللحاق بالمستجدات الاجتماعية التي تطفو على سطح المشهد اللغوي، لماذا نستخدم دائماً كلمة «تطفو» بالمناسبة! الكلمة تذكرني بمشهد غير مستحب بعد موسم الأمطار، المهم أن عدد ما يسميه الأجانب «المصطلحات الحضرية» أو «القاموس الشعبي» في تزايد نحتاج معه للشرح أو التأطير.. أسمع كثيراً من الجيل الأصغر: (عطه من الرخيص، استاكوزا، حبتين، شرحك سري، ديس نيص..)، ولا أفهم المقصود بأيٍّ من هذه المصطلحات، ولا أين تستخدم حقيقة، ربما الوحيدة التي أفهمها هي عبارة «اسحب عليه»، لكثرة تكرارها، ولأنها تذكرني بمشهد غير مستحب آخر بعد موسم الإدرار!

رحم الله جيل الطيبين، الذي كان يعتقد أنه بإضافة حرفين إلى داخل كلمة معينة، قد نجح في تضليل المدرسين والمراقبين.. في زمن جميل آخر كان كل شيء فيه «تو-دي»، وبالأبيض والأسود فقط!

#عبد الله_الشويخ

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر