5 دقائق

نساؤنا.. بين البيت والعمل

عادل محمد الراشد

في السنوات العشر الأخيرة تعرضت الأسرة في دولة الإمارات إلى تغيرات سريعة وكثيرة، بشكل أثر في المشهد الاجتماعي، وصار يصبّ في جانب الخلل السكاني، الذي تحول إلى مشكلة مزمنة لم يفلح في وقفها كل الجهود المبذولة، ولم يعطلها كل الرغبات التي أصبحت أمنيات يعاكسها الواقع.

الحاجة إلى مساهمة النساء الإماراتيات في سوق العمل أصبحت ضرورة وطنية، ونتيجة طبيعية لمخرجات التعليم، واستجابة منطقية لخطط التنمية بالدولة.

بين عامي 2008 و2011، أي خلال ثلاث سنوات، هبط مستوى الخصوبة لدى المرأة الإماراتية لأكثر من النصف، من 5.7 إلى 2.3 وفق تقرير سابق أصدرته هيئة الصحة بدبي آنذاك. وعزا التقرير هذا الانخفاض إلى أسباب عدة أهمها «زيادة فرص العمل للنساء». وأخيراً كشفت دراسة صادرة عن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، أن معدل الخصوبة بين المواطنين في دبي بلغ 3.1 أطفال لكل أسرة، مشيرة إلى أن من ضمن أسباب هذا التدني «العمل لساعات طويلة، والزواج المتأخر، بالإضافة إلى كلفة المعيشة، وأسباب أخرى».

في كلتا الدراستين هناك اتفاق على هبوط لافت لمستوى الخصوبة داخل الأسرة الإماراتية، وداخل هذا الاتفاق التقاء عند أثر نظام العمل، خصوصاً على المرأة، في تراجع نسب الإنجاب، وبالتالي تقلص حجم الأسرة الإماراتية. فالمرأة هي المحور الذي تدور حوله كل الأسباب الأخرى الخاصة بالأسرة، والمرأة اليوم أصبحت عنصراً فعالاً في سوق العمل، وبشكل خاص في الإمارات التي تعاني نقصاً كبيراً في القوى العاملة الوطنية مقابل حجم سوق العمل الوطني، والغلبة الساحقة للعمالة غير الوطنية فيه. وهذا يعني أن الحاجة إلى مساهمة النساء الإماراتيات في سوق العمل أصبحت ضرورة وطنية، ونتيجة طبيعية لمخرجات التعليم، واستجابة منطقية لخطط التنمية بالدولة. وفي المقابل هناك ضرورات اجتماعية ووطنية ملحة تتعرض لتهديد مباشر من خلال تآكل حجم الأسرة الإماراتية، وبالتالي تقلص الكتلة الوطنية داخل التركيبة السكانية في الدولة، ولنظام العمل علاقة وتأثير مباشر في صنع هذه التهديدات.

كيف نحافظ على الأسرة الإماراتية من التآكل العددي والتفكك الاجتماعي، وفي الوقت نفسه نستثمر قوة العمل للنساء بشكل يخدم خططنا الوطنية وتطلعاتنا في تنمية مستدامة أساسها أسرة متكاثرة ومستقرة وفي الوقت نفسه منتجة بشكل فعال؟ هذا التوازن المطلوب بدأت معالمه في القرار الذي أصدره المجلس التنفيذي في دبي بتمديد إجازة الوضع للمرأة إلى ثلاثة أشهر قابلة للتمديد من رصيد الموظفة إلى 120 يوماً. وخلف هذه الملامح نتوقع صدور تشريعات وقرارات اتحادية توفر المزيد من الدعم للأسرة الإماراتية العاملة، وتوفر بيئة أسرية تشجع على المزيد من الإنجاب وتسهيل الزواج لغير المتزوجين. ومجتمع الإمارات الخلاق لن تغلبه فكرة ولن تعطل حركته مشكلة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر