5 دقائق

المتسلط

خالد السويدي

التقيت مع صديق يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، كان قد انتقل إلى هذه المؤسسة قبل أشهر عدة بعد أن تميز في عمله في الجهة التي كان يعمل بها سابقاً، بدأ يحدثني بحرقة عن عمله الحالي، وكيف أنه انتقل إلى هذه المؤسسة عن طريق مدير المؤسسة الذي عرض عليه هذا المنصب.

«تسلط البعض لا يمكن حدوثه إلا عن طريق جُبن الآخرين!».

يقول إنه توقع أن يكون المدير مختلفاً على أرض الواقع، خصوصاً أنه يتحدث في الإعلام بطريقة تُظهر أنه إنسان متواضع يتحلى بتلك الصفات الطيبة والخصال الحميدة، لكنه فوجئ بأمور مختلفة عندما تعامل معه في مجال العمل، اكتشف أنّ المدير لا يريد لأحد غيره أن ينجح، يعشق الصورة والظهور في وسائل الإعلام، يمارس الدكتاتورية في العمل، فلا مجال لأي كائن كان أن يفعل أي شيء في المؤسسة دون الرجوع إليه.

يتحدث عن التوطين ولكنه بارع في تشريد المواطنين عن طريق إلغاء صلاحياتهم وتهميشهم واعتبارهم غير موجودين، يحارب المبدعين أحياناً ويسرق تلك الأفكار في أحيان أخرى، فالأهم من كل شيء أن يتصدر المشهد الإعلامي ليظهر أنه البطل الأوحد في هذه المؤسسة.

كان يتحدث وأنا أعلم أنّ كل ما يقوله صحيح، بل ربما معرفتي بخبايا شخصيته أكثر مما يعرفه أغلب الموظفين، لذا لم أتفاجأ بتلك الحرقة التي يشعر بها، بل إنه استغرب كيف لي أن أعلم كثيراً من الأشياء التي لا يعرفها سوى الموظفين في هذه المؤسسة.

سألني مستغرباً: هل تعرفه شخصياً؟ أجبته: لا أعرفه لكني سمعت عنه الكثير من موظفين عديدين في أوقات مختلفة، وعندما أسمع الحديث السلبي نفسه من أشخاص كثيرين لا يوجدون معاً في اللحظة نفسها فهذا دليل على أن الشكاوى حقيقية، وحالة الإحباط منتشرة في بيئة العمل. بعد أن سمع إجابتي ظل صامتاً لبرهة من الوقت ينتظر مني أن أضع الحلول المناسبة لما يعانيه، شخصياً لم أعرف بماذا أرد عليه، فهو في الحقيقة أمام خيارين كلاهما مُر، إما الصبر على هذا المدير حتى يأتي الفرج ويطير كما طار غيره، أو البحث عن مكان آخر يهرب فيه من تسلط المدير، هنا تذكرت قول المناضل الفلبيني الراحل خوسيه ريزال: «تسلط البعض لا يمكن حدوثه إلا عن طريق جُبن الآخرين!»، فما أكثر المتسلطين الذين يبرعون في التسلط على الجبناء.

Twitter: @almzoohi

Emarat55@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر