كل يوم

رحيل أميرة

سامي الريامي

لا اعتراض أبداً على قضاء الله وقدره، ولكن النفس لتحزن وتتألم على فقدان كفاءة إماراتية متميزة بحجم الفقيدة أميرة بن كرم، رئيسة مجلس سيدات الشارقة، فهي إنسانة لم تكن عادية يوماً ما، بل كانت شعلة من النشاط، قدمت الكثير لوطنها ومجتمعها، وقدمت الكثير للإنسانية بشكل عام، ما يجعل فقدانها فجأة هو مصاب جلل، وحدث مفجع، وزاده حزناً وألماً فقدان شقيقتها ووالدتها في الوقت ذاته.

أميرة، رحمة الله عليها، كانت أحد الأمثلة الواضحة لنجاح وتميز المرأة الإماراتية، هي نموذج لكيفية خدمة الوطن والمجتمع بكل إخلاص وتفانٍ، عملت من خلال منصبها نائبة لرئيسة مؤسسة «نماء»، للارتقاء بالمرأة بشكل عام، لم يشغلها المال باعتبارها رئيسة مجلس سيدات أعمال الشارقة، بل قدمت الكثير والكثير للأعمال الإنسانية، فهي مديرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، عملت جاهدة عبر تنظيم الفعاليات لنشر التوعية بهذا المرض ومكافحته، وكانت، رحمها الله، تستكمل خلال الأيام الماضية برنامج التوعية السنوي بهذا المرض، عبر تنظيم فعالية القافلة الوردية التي تنطلق لتعبر جميع إمارات الدولة حاملة الرسائل التوعوية الخاصة بسرطان الثدي.

إنه التوازن الذي قلما نشاهده بين العمل الحكومي والخاص، وبين المسؤولية المجتمعية والأعمال الإنسانية، لقد تميزت في ذلك، هذه الإنسانة الخلوقة جداً، التي نالت، بفضل دماثة خلقها ونشاطها وعقليتها الفذة، محبة واحترام وتقدير جميع من تعامل وعمل معها، أو لم يعمل.

فقدت الإمارات «شعلة نشاط، ونحلة لا تعرف الكسل، تأخذ كل توجيه بعين الاعتبار، تنجز ولا تشتكي».. هكذا وصفتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وهكذا عرفها المقربون منها، وهذه هي الصورة الأبدية التي ستظل محفورة في ذاكرة الوطن عنها بعد رحيلها، فهي نموذج للجد والعمل، ونموذج للمرأة الإماراتية المنتجة، ونموذج للعطاء دون حدود.

هذا النموذج لن يختفي سريعاً، ورحيل أميرة لن ينسينا نموذج أميرة، بل سيظل عملها خالداً، وستظل سيرتها منهلاً لجميع فتيات الإمارات، ستظل المحفز لهن على الإنتاج والإبداع والتطور والرقي الفكري والإنساني، ستظل سيرتها طرية في فكر الفتيات والشابات المتطلعات لخدمة وطنهن ومجتمعهن، لاشك أن هناك كثيرات ممن تعاملن معها، ومن استفدن منها، ولاشك أن كثيرات اعتباراً من اليوم سيسرن على الخطى ذاتها، وسيعرفن معنى خدمة الوطن بإخلاص، ومعنى التطوع والإسهام بفاعلية في الأنشطة الخيرية والإنسانية، كثيرات من سيحاولن التعرف أكثر إلى مسيرة أميرة، وسيحاولن جاهدات السير على نهجها.

نحن في دولة تقدر التميز، وترفع شأن المخلصين، وتعزّ وتحترم من يعمل ويجتهد ويخدم وطنه ومجتمعه، لذلك كان شعور الحزن والألم على فقدان أميرة شعوراً عاماً لدى الجميع، حتى ممن لم يعرفوها أو لم يروها، ولم يتحدثوا معها بكلمة واحدة، فنحن نحزن على خسارة كفاءة وطنية في وطن يرفع من شأن الكفاءات.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر