5 دقائق

الاستراتيجية التشاركية لصياغة المستقبل

الدكتور علاء جراد

تناول المقال السابق نبذة عن استشراف المستقبل وماهيته، وقد استلهمتُ بعض الأفكار واستغرقتُ في البحث عن أساليب استشراف المستقبل ومن ثم صياغته أو Shaping the Future. وفي هذا المقال أسلط الضوء على مفهوم يعتبر جوهرياً ولا غنى عنه للاستشراف الفعال، ألا وهو «الاستراتيجية التشاركية» أو التخطيط الاستراتيجي التشاركي، ويعني هذا المفهوم الإقلاع النهائي عن الطريقة التقليدية في رسم الاستراتيجيات في إطار الشركة أو الدائرة الحكومية، بل يتم فيه إشراك المئات وربما الآلاف من المعنيين، الذين يمكن أن يضيفوا قيمة لهذه الاستراتيجية، خصوصاً في القطاع الحكومي.

وجدت بالبحث 57 طريقة للتخطيط التشاركي واستخدام الأساليب التي ينخرط فيها الكثير من الأشخاص والجهات في صياغة الاستراتيجيات والسياسات للمستقبل.

قد تختلف المسميات فيطلق على المفهوم نفسه التخطيط الشامل Inclusive Planning أو الإبداع المفتوح، وهو أن تدع المجال للمشاركة في التخطيط على المدى الطويل للآلاف من المشاركين، حتى لو لم يكونوا معنيين، فقد يتطوع الكثيرون بتقديم الأفكار والدعم والتوجيه، وكمثال على تبني هذه الطريقة في استشراف والتخطيط للمستقبل قامت جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، بالتعاون مع معهد المستقبل، برسم استراتيجيتها لعام 2025، حيث تم إشراك آلاف المشاركين باستخدام مجموعات النقاش والفيديو كونفرنس، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، والكثير من وسائل التكنولوجيا من أجل وضع استراتيجية فعالة تلبي احتياجات وتوقعات المستقبل، خصوصاً في مجالات الرعاية الصحية والغذاء، والنقل والرفاهية المجتمعية، وقد صمم خبراء معهد المستقبل للجامعة لعبة تفاعلية اشترك فيها جميع المشاركين حول العالم وخريجو الجامعة وأصدقاؤها في استخدام هذه اللعبة التي نتج عنها مجموعة ذهبية من الأفكار وحلول للمشكلات المستعصية. ويمكن الاطلاع على التفاصيل من خلال موقع الجامعة.

الحقيقة أن هذا الأسلوب كان يستخدم بطريقة أو بأخرى، ولكن على نطاق ضيق ولغرض محدد، أما التوسع في هذا الأسلوب ولغرض استشراف المستقبل فيعتبر جديداً نسبياً، وقد استخدم في الإمارات عندما تم عمل عصف ذهني موسع لاستطلاع رأي الناس حول قضايا التعليم والصحة. لقد وجدتُ بالبحث 57 طريقة للتخطيط التشاركي واستخدام الأساليب التي ينخرط فيها الكثير من الأشخاص والجهات في صياغة الاستراتيجيات والسياسات للمستقبل، وتعتمد هذه الأساليب على الحوار المجتمعي والمشاركة من كل الأطراف وذوي الخبرة.

يشتمل التخطيط الاستراتيجي التشاركي على أربع مراحل، أولاً: أن تحدد المجموعة المشتركة رؤيتها المستقبلية للمؤسسة موضوع التخطيط، ثانياً: يتم تحديد المعوقات التي تمنع أو تعوق تحقيق هذه الرؤية، ثالثاً: تحديد الطرق التي يمكن من خلالها التغلب على تلك المعوقات، رابعاً: البدء في العمل ووضع الخطط التشغيلية لكل سنة ولكل شهر. ودائماً مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، المهم أن يخطو الإنسان هذه الخطوة.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر