أبواب

عالم «أبوسن»

أحمد حسن الزعبي

في الأسبوعين الأخيرين تردّد اسمه عليّ أكثر من مرة وأنا أتصفح الأخبار السياسية ومقالات الكتاب، كان اسمه يشبه المطب على طريق «أوتستراد» هكذا يأتي مفاجئاً وغريباً وغير متوقع، لكني كنت أتابع التصفح دون اهتمام مع بقاء بعض الفضول لقراءة التفاصيل.. «القبض على أبي سن».. «أبوسن يحوّل إلى المحكمة بتهمة الإساءة».. «كريستينا تطالب بالإفراج عن أبي سن»، «المحكمة تفرج عن أبي سن».. «الصحف الأميركية تتعاطف مع أبي سن».. في البداية اعتقدت أن الاسم الغريب الذي يحتل «الترند» لـ«تويتر» يعود إلى اسم عائلة أو لقب سياسي مهم.. «أبوسن».. يعني: «أبوتريكة».. «أبوقاسم الموصلي».. «أبوحفص الجولاني»...لأكتشف أن أبا سن.. هو «أبوسن» فعلاً، وسبب التسمية الذي اشتهر بها ولم ينكرها نتيجة وجود سنّ عريضة تعارض باقي أسنانه وتشبه تماماً الاصطفاف العرضي لسيارة في موقف سيارات طولي.. بدأت أرجع للأخبار ذات الصلة التي تتحدث عن الأخ الفاضل أبوسن.. لأكتشف انه فتى سعودي مستخدم لمواقع التواصل أنشأ حساباً على تطبيق «يو ناو».. وقد كوّن صداقات مع مراهقات أجنبيات بعضهن فاتنات الجمال ــ وهنا مكمن الحسد الشخصي ــ مستخدماً لغته الانجليزية المعدومة وحركات يديه والإشارة في إيصال فكرته ومشاعره، وبدأ بنشر محادثاته مع صديقته «كريستينا» على «يوتيوب» لتحقق هذه المقاطع مشاهدات عالية جداً بسبب «الاستهبال» العفوي الذي كان يمارسه أبوسن مع فاتنة الجمال كريستينا.

•«أبوسن» يصبح نجماً؟ لم لا.. فالزمن كله «أدرد».

لم أعد أستغرب أن تحصل هذه الأخبار وهذه الشخصيات على متابعات عالية وتغطيات صحافية كبيرة فنحن في عالم «أبي سن».. فحيّز الأخبار عن الدم السوري وصراع الفيلة على عشب العروبة والصراع بين «إس300» وطائرات الشبح.. لا يلاقي نفس انتشار خبر «واقعة منسف» بين مستخدمة «سناب شات» وصديقها «الناعم جداً».. إنه عالم «أبوسن».. عندما يجمع أحدهم حوله آلاف المتابعين عن طريق ترويج الصفحات المدفوعة ويطلق على نفسه إعلامياً أو إعلامية رغم أنه لا يعرف أن يركب جملة مفيدة واحدة أو يتحدث بقضية عامة، ولا يفرق بين أسماء المطربين والسياسيين، لا نلوم «عاشق كريستينا» على كل هذه الحظوة.

إنه عالم أبوسن يا أصدقاء.. في الطب هناك أبوسن؛ الأطباء المخلصون وأصحاب الضمائر الحية لا يعرفهم أحد، والأطباء التجار هم الذي تتردد أسماؤهم في كل مكان، في عالم الفن هناك أبوسن، الفنانون المبدعون أصحاب الفن الراقي والأصيل تنساهم أقلام التحرير وكاميرات التصوير وتلهث وراء «نجمات المايوه».. في الصحافة هناك أبوسن، المخلصون لقضاياهم وأوطانهم مبعدون ومقصون عن المشهد.. والمصفقون الذين يؤجرون أقلامهم بالكلمة يشغلون الصحف والفضائيات.. في الرياضة أبوسن.. في الاقتصاد أبوسن.. في السياسة أبوسن.. في كل مفصل من مفاصل حياتنا دخل أبوسن.. وأخذ مجده!

ahmedalzoubi@hotmail.com


لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر