كل يوم

حروب المستقبل.. غامضة وطويلة

سامي الريامي

لا تقدم أو تطور دون تخطيط استراتيجي دقيق، ولا يمكن أن يكون هناك تخطيط ناجح دون معرفة التحديات المستقبلية، ويشتمل على كيفية الاستعداد لها لمحاولة تجنبها، لذا فاستشراف المستقبل هو ركيزة التخطيط الاستراتيجي، وهو العمود الفقري لتحديد أولويات المستقبل، ووضع التصورات اللازمة لمعايشته بكل سلبياته وإيجابياته، وبكل تحدياته ومخاطره.

ولا أخطر على الدول من نشوب الحروب، وكما تخطط الدول للنهوض والتنمية وتطوير حياة شعوبها، لابد أيضاً أن تخطط لمجابهة خطر الحروب المستقبلية، فالحروب سمة من سمات الحياة منذ قديم الزمن، ولاشك في أنها ستظل مستمرة حتى أزمنة مستقبلية بعيدة، وبما أننا نعيش في منطقة ساخنة وشبه مشتعله من العالم، فإنه من الضروري جداً العمل من الآن لاستشراف الأخطار المستقبلية التي قد نتعرض لها، أنه خيار استراتيجي مهم لا يمكننا إغفاله أبداً.«مؤتمر القادة لحروب المستقبل»، فيه كثير من التوعية بأشكال وطبيعة حروب المستقبل، ومن خلاله تمت صياغة وبناء تصور للتحديات الناجمة عن الحروب المعاصرة وأثرها في المنطقة، ومنه ستستعد الدولة لمواجهة تحديات وأخطار المستقبل، وستعمل من الآن لوضع الخطط الكفيلة بضمان سرعة الاستجابة والمرونة، والصمود لتلك الحروب المستقبلية.

الحرب المستقبلية، كما استعرضها المؤتمر، لن تشمل القوى التقليدية المعروفة للدول فحسب، لكنها ستضم أعداءً جدداً مبهمين، وسيكون الصراع غامضاً وطويلاً، وسيشمل أعمال عنف وتهديدات تختلف عن الحروب المعروفة، وسينتهز الأعداء هذا الغموض، مستخدمين التزاماتنا القانونية والمبادئ التي نتبناها سلاحاً ضدنا، وفي خضم هذا كله، تتجلى مسؤوليتنا في السعي الدؤوب لفهم الوجه الحقيقي للتهديدات المحتملة، من أجل تطوير العمل الجماعي بين مؤسساتنا.

ولعل أهمية المؤتمر الذي اختتم أعماله في العاصمة أبوظبي، تكمن في ورش العمل التي قامت بدراسة حالات افتراضية لنماذج من الأزمات الافتراضية، الإقليمية منها والدولية، وكيفية التعامل معها بأدوات ووسائل متنوعة، منها الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية والتدريب وغيرها.

وخلصت نتائج المؤتمر إلى أن الحروب المقبلة لن تكون تقليدية فقط، بل ستكون هناك حروب هجينة غير نظامية، وصراعات المنطقة الرمادية، وأن حروب المستقبل لن تشمل القوى التقليدية المعروفة، لكنها ستضم أعداء وأشكالاً غير معروفين، كما ستكون الصراعات غامضة وطويلة.

المستقبل غامض ومخيف، والعالم في وضع غير مستقر، ونحن نعيش في منطقة ملتهبة ومشتعلة، هذه حقائق، وهذا واقع يجب أن نستعد من الآن لمواجهته، ليس ذلك تشاؤماً، بل هذا عمل استراتيجي واستشرافي مهم وضروري، فالأخطار والحروب المستقبلية ليست مجرد تنظير، ولا هي أضغاث أحلام المشاركين، بل هي نتاج مؤشرات واقعية ملموسة، ومن أجل هذه المؤشرات الواضحة حالياً كانت أهمية هذا المؤتمر، لأن فيه كل ما نحتاج إلى معرفته من أخطار مستقبلية، وفيه خطط نجاتنا منها.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر