5 دقائق

تكامل الجامعة والصناعة

الدكتور علاء جراد

يعد السبب الرئيس لنجاح الجامعات في الغرب هو الشراكات الحقيقية والفعالة بين الجامعة وبقية المؤسسات. وتعكس الجامعة نبض المجتمع وتوجهات الدولة ككل، ففي العقود الأخيرة أصبحت الجامعات ومراكز البحث العلمي هي مرجعية للحكومات لإيجاد حلول للمشكلات المستعصية، خصوصاً مع تزايد الاهتمام بالإبداع والابتكار. وحتى يكتمل دور الجامعة وتحقق رسالتها لابد من وجود شراكة حقيقية مع بقية المؤسسات، فجامعة كامبريدج مثلاً تم فيها تطوير ستة أدوية من أكثر 10 أدوية مبيعاً في العالم، وفي العام الماضي فاقت أرباحها من اختراعات باحثيها 60 مليون جنيه إسترليني، ولولا أن الجامعة تحصل على تمويل من مؤسسات القطاع الخاص والحكومة لما استطاعت الجامعة تمويل تلك الاختراعات، ولاشك أن النتيجة مبهرة، فأكثر من 90 عضو هيئة تدريس بهذه الجامعة فقط حصلوا على جائزة نوبل.

أثبتت الدراسات والتقارير الصادرة عن البنك الدولي جدوى التعاون والتكامل بين الجامعات وقطاع الصناعة والمؤسسات الحكومية.

يوجد في بريطانيا 159 جامعة تضيف للاقتصاد سنوياً ما يفوق 73 مليار جنيه إسترليني، ولا شك أن هذا لم يأتِ من فراغ، فحتى تتمكن الجامعات من الإسهام في نهضة الاقتصاد لابد أن تتوافر لها الأموال اللازمة من القطاع الخاص والحكومي للإنفاق على البحث، إذ إن ذلك هو الاستثمار الحقيقي. إن تمويل الأبحاث والإبداع في بريطانيا يتم بمنتهى السهولة، فيكفي تقديم عرض فني ومالي للجهات المانحة للحصول على الميزانية المطلوبة، ففي إحدى المحاضرات عن الإبداع في القطاع الصحي كان المحاضر يتحدث بكل بساطة عن حصوله على مبلغ أكثر من سبعة ملايين جنيه إسترليني لتنفيذ أبحاثه بالشراكة مع أحد المصانع، والمبهر في الموضوع أن يتم منح أحد أعضاء هيئة التدريس مثل هذا المبلغ إيماناً بفكرة قد ترى النور كمنتج وقد لا ترى النور أبداً.

لقد أثبت الكثير من الدراسات والتقارير الصادرة عن البنك الدولي جدوى التعاون والتكامل بين الجامعات وقطاع الصناعة والمؤسسات الحكومية، إذ إنه من أهم روافد إثراء المنظومة الوطنية للإبداع، حيث تقسم الجامعات إلى ثلاث فئات من حيث توجه الجامعة، فالجامعات التي تركز على البحث العلمي مثل جامعات أوروبا والولايات المتحدة يكون التعاون فيها من خلال تمويل الأبحاث، وكذلك الإشراف المشترك على أبحاث الماجستير والدكتوراه، والفئة الثانية هي الجامعات التي تركز على التدريس، حيث يكون التعاون في صورة مشاركة في وضع وصياغة البرامج الأكاديمية والمناهج، وتدريب أعضاء هيئة التدريس والفئة الثالثة هي الجامعات التي تركز على ريادة الأعمال، حيث يتم الاستثمار في برامج تعزز ريادة الأعمال وتأسيس شركات ناجحة. كم سيكون رائعاً أن تتبنى جامعاتنا العربية هذا الفكر وهذه الممارسات.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر