5 دقائق

منظومة التعليم العالي

الدكتور علاء جراد

بالرغم من المحاولات الكثيرة لإصلاح التعليم في الكثير من الدول العربية، لكن يبدو أن هذه المحاولات مازالت بعيدة عن تحقيق النتائج المرجوة، ويتضح ذلك من العدد الهائل من طلبات الالتحاق بالجامعات في الخارج، على الرغم من ارتفاع كلفة الدراسة والبعد عن الوطن. والمدقق في أسباب الإقبال على الخارج سيجد أن الجودة هي الدافع الرئيس، والحقيقة فإن هناك بعض مؤسسات التعليم العالي العربية تطبق معايير الجودة، وأصبح هناك اعتماد أكاديمي في الكثير من تلك المؤسسات، فلماذا لم تصل إلى مستوى جودة جامعات الخارج؟

لابد من التوقف عن الأبحاث التي تتم فقط لمجرد استيفاء متطلبات الترقية لأعضاء هيئة التدريس.

نعم هناك بعض المؤسسات التي نجحت في تحسين الجودة واكتسبت شهرة إقليمية، لكن تظل هناك جوانب كثيرة تحتاج إلى تطوير، فمنظومة التعليم العالي لها خمسة أركان يجب أن تكتمل حتى تتشكل الصورة، وتتمثل تلك الأركان في جودة بيئة التعلم من مرافق وخدمات مساندة، جودة التدريس، جودة التعلم، وجودة البحث العلمي والتطبيقي، ثم جودة الشراكات المجتمعية والشراكات مع قطاعات الأعمال المختلفة، فكيف يمكن تحقيق تلك المتطلبات؟

إن جودة البيئة تتعلق بتوافر المرافق اللازمة من قاعات صفية ومكتبات ومختبرات، وكذلك مرافق للأنشطة الطلابية، وبالطبع يحتاج ذلك إلى استثمارات وإمكانات مادية، وهنا تختلف الصورة بين مؤسسات التعليم العالي الخاصة والحكومية، فالكثير من الجامعات الحكومية بسبب قلة حجم الميزانية لا تستطيع استيفاء تلك المتطلبات الضرورية لتكون هناك نقلة نوعية، لذا هناك حاجة إلى تغيير سياسات الاستثمار في التعليم واعتباره رافداً من روافد الاقتصاد الوطني. وتؤثر جودة بيئة التعلم في الركن الثاني من المنظومة، وهو جودة التدريس، حيث تعتمد الأخيرة على كفاءة وقدرة الهيئة التدريسية وارتباطها بالواقع العملي للمجتمع وليس التدريس المبني على الإطار النظري فقط، وبالتالي فمن المهم اختيار أعضاء هيئة التدريس بعناية شديدة، وأن يتم الاستثمار والتدريب المستمر لتطوير الكفاءات في التدريس وأساليب التعلم، حيث إن الحصول على درجة الدكتوراه ونشر الأبحاث لا يعني بالضرورة قدرة عضو هيئة التدريس على إيصال المعلومة.

أما جودة التعلم فتتعلق باستخدام الأساليب الحديثة التي تضع الطالب في مركز عملية التعلم، ويتعلق الركن الرابع بالبحث العلمي، وهنا لابد من التوقف عن الأبحاث التي تتم فقط لمجرد استيفاء متطلبات الترقية لأعضاء هيئة التدريس، ولا تسمن ولا تغني من جوع، فالتوجه العالمي الآن أن يكون هناك أثر فعال وقيمة مضافة من الأبحاث بحيث تحل مشكلات قائمة. أما الركن الخامس - الشراكات المجتمعية ـ فهو كفيل بالتأثير الإيجابي، وخلق نقلة نوعية في كل الأركان الأخرى، وهو جدير بمقال منفرد. وللحديث بقية.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر