كل يوم

أعزائي المواطنين.. الجو الحار ليس بشيء جديد!

سامي الريامي

أحد الإخوة الأعزاء، يقضي إجازته بمنطقة ريفية في سويسرا، سأله سائق السيارة: «من أين أنت؟»، فأجاب: «من دولة الإمارات، وتحديداً من مدينة دبي». فقال الرجل: «سمعت عنها الكثير، يقال إنها جميلة، لكنني لا أفكر في زيارتها، لأنها حارة جداً». رد عليه الأخ العزيز بسؤال: «ومن قال لك هذا؟». أجاب السائق: «مواطنون كثر من بلدك نفسه؟». فقال له: «وهل أخبروك بأن الجو في الشتاء يصل إلى ست درجات، وأننا نمر بأجواء معتدلة وجميلة في الوقت الذي لا تستطيع فيه أنت والأوروبيون جميعاً المشي أو الجلوس في الأماكن العامة من شدة البرد والثلج؟!».

هكذا كثير من المواطنين، وللأسف يسيئون، ومن دون قصد، الترويج لدولتنا ومدننا، دائماً وأبداً يبرزون الوجه السلبي للطقس، ويفتحون الحديث في أي حوار مع أجانب عن الصيف والجو الحار، ويفتخرون بأن الحرارة تصل عندنا إلى 45 و48 درجة وزيادة، ويشعرون بالاستمتاع عندما يرون التعجب والذهول على وجه محدثيهم، كثيرون هم من يعشقون تصوير درجات الحرارة في سياراتهم الفاخرة والمكيفة، ويشتكون - بتعليقات عليها - الجو والحر الشديد، في حين أن معظمهم لم تمسه الشمس مباشرة، ولم يضطر إلى الوقوف أو الجلوس خارج التكييف لأكثر من ربع ساعة، وعلى العكس من ذلك قليلون جداً من هم على شاكلة ذلك الأخ العزيز، الذي أحسن الرد، وأعطى لسائق بسيط تفاصيل كاملة، لمجرد أنه شعر بأن هناك من يمتلك نصف الحقيقة عن دولتنا ومدننا!

الجو الحار ليس بغريب علينا، فنحن في منطقة صحراوية تمر بظروف متشابهة منذ مئات السنين، وأجدادنا عاشوا هنا من دون مكيفات، ولا سيارات، ولا طائرات، لكنهم عاشوا سعداء، ولم يتركوا المنطقة، ولم يفكروا في الهجرة إلى أوروبا أو المناطق الباردة القريبة، هذا هو الفخر الحقيقي، وهذا هو التحدي الحقيقي، ومع ذلك فالحقيقة تقول إن الإمارات تواجه الجو الحار في أشهر الصيف التي لا تتعدى أربعة أشهر فقط، تزيد فيها الحرارة في شهرين بشكل شديد، وتتراجع في شهرين آخرين، وفيما عدا ذلك فإننا نمر بثمانية أشهر، بدءاً من سبتمبر وحتى أبريل، بأجواء معتدلة، يتفاوت فيها الجو من جميل جداً، إلى مقبول جداً، في حين أن هذه الفترة هي فترة جمود وبرد شديدين في مختلف دول أوروبا، حيث تصعب معها الحياة الطبيعية!

والأهم من ذلك كله أن الحياة في الإمارات مريحة حتى في ذروة الصيف، ومع أشد درجات الحرارة، حيث المكيفات في جميع أماكن الترفيه والعمل والسكن، وبفضل من الله وبجهود القادة والمسؤولين فإن الحياة هنا سهلة ومريحة، ولم نسمع يوماً عن وفاة إنسان بسبب الجو الحار، حتى مع وصول الحرارة إلى 50 درجة، في حين أن أي موجة حر أوروبية قد تقضي على حياة مئات البشر، لعدم جاهزية تلك المدن لاستقبال الحرارة، ولعدم وجود الأماكن المكيفة في معظم أنحاء القارة، حتى مع زيادة الحرارة بسبب الاحتباس الحراري طوال السنوات الماضية!

الإمارات ماضية في سياسة تقليل الاعتماد على النفط، والسياحة هي أحد أعمدة الدخل المستقبلي للدولة، والمشروعات السياحية العائلية المتميزة هنا هي عناصر جذب للسياح والزوار، والعامان المقبلان سيشهدان افتتاح العديد من الوجهات العائلية المغطاة والمفتوحة، وسنثبت للعالم أن دولتنا هي واحدة من أكثر دول العالم استقطاباً للسياح، رغم أنها دولة صحراوية، هذا هو الإعجاز، وهذا هو الإنجاز، فهل لنا كمواطنين أن نركز على هذا الجانب، بدلاً من التحدث بشكل دائم عن الحر ودرجة الحرارة؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر