أبواب

دخول.. خروج

أحمد حسن الزعبي

لم يبخل شعراؤنا منذ «سايكس بيكو» بنظم القصائد التي تتحدّث عن الوحدة العربية، وإلغاء الأسلاك الشائكة بين الدول الشقيقة، وتوحيد قرار العواصم، الأمر الذي استفزّ بعض الملحنين، فحوّلوا أجمل القصائد إلى أغانٍ وطنية خالدة، وربما هذا الإنجاز الوحيد للوحدة العربية، حيث كان يغني كل العرب كلمات الوحدة، على الرغم من أن كلاً منهم يقبع خلف الشبك السياسي الذي يفصله عن شقيقه. وخلاصة المعادلة السياسية.. الشعوب العربية لها أن تحب وتتعاطف وتحلم كما تشاء.

صنعتنا منذ الأزل.. زراعة «لو».. وحصاد «يا ليت».. والتنهد العميق حزناً وكبتاً، فصدورنا مجرّد قبو.

منذ أسبوع، ولا حديث في وسائل الإعلام وفي أوروبا سوى استفتاء «الخروج» البريطاني من الاتحاد الأوروبي، منذ أسبوع وأكثر والتحليلات، والتكهنات، وإعادة رسم وجه الاتحاد، وتخيل شكل معصم لندن المكتنز بعد كسر «سوار» بروكسل الضيق، تطغى على أي حديث آخر.

ولا أظن أن شعراء إنجلترا وأوروبا عامة، قبل فكرة الاتحاد الأوروبي، كتبوا قصائد عن الوحدة الأوروبية، وإلغاء الأسلاك الشائكة، ونقاط التفتيش، بين الدول الشقيقة، وتوحيد قرار العواصم الأوروبية، كما لا أظنهم أنتجوا أغنية واحدة تتحدث عن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق، ثم ما الحاجة لكل هذا الهدر من الورق والدواوين الشعرية مادام بالإمكان استبدالها بقصاصة بحجم الكف تؤيد أو ترفض الانضمام.. عند تشكيل الاتحاد الأوروبي توجهت شعوب الدول إلى صناديق الاقتراع، ووضعت رأيها في تقرير مصير دولتها بهدوء وغادرت دون ضجيج.. تصويت.. دخول.. تصويت.. خروج.. فالمسألة تقاس بالفائدة والمصلحة الوطنية العليا، لا بالعاطفة.

أحد أصدقائي البسطاء علّق منزعجاً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: أين الملكة؟ أين تشارلز؟ أين كاميرون؟ لماذا لا يصدرون مرسوماً ملكياً بالبقاء في الاتحاد الأوروبي؟ لماذا يجعلون الشعب يقرر مصير المملكة؟ قلت له: يا حبيبي، يا «ضنايا»، يا بعد «كبدي»، هناك.. الزعيم أو الملك أو رئيس الجمهورية وحكومته، له أن يحب ويتمنى ويتعاطف ويحلم، لكن ليس له أن يقرر، أما في بلاد «الضاد» فعكس ذلك تماماً، للشعب أن يحب ويتمنى ويتعاطف ويحلم، ولكن ليس له أن يقرر، فهذه صنعتنا منذ الأزل.. زراعة «لو» وحصاد «يا ليت»، والتنهد العميق حزناً وكبتاً، فصدورنا مجرّد قبو.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر