كل يوم

بقي من الزمن 1574 يوماً!

سامي الريامي

1574 يوماً، تفصلنا عن حدث مفصلي مهم في تاريخ الإمارات والمنطقة بشكل عام، تفصلنا عن انطلاقة «إكسبو 2020»، ولعلي تعمدت ذكر الرقم بالأيام، لأن هناك فرق عمل تضع هذا الرقم نصب أعينها، تراقب تواتر الأيام، وهي تنجز المطلوب منها وفقاً للجدول المحدد، وتسابق الزمن حتى تظهر مباني «إكسبو»، التي تعهدت مدينة دبي ببنائها، جاهزة للعيان وجاهزة لاستقبال الحدث قبل عام من انطلاقه.

«إكسبو» ليس حدثاً خاصاً بالإمارات، إنه شعلة مضيئة للمنطقة بأسرها، حدث حضاري يجمع العالم تحت سقف الرقي والتطور والسلام والمحبة والتعايش السلمي، في منطقة ملتهبة يتزايد فيها العنف، وفي عالم متناحر يعاني مشكلات مختلفة في مختلف قاراته، لكن العالم سيأتي إلى دبي لنبذ العنف ونشر المحبة، ونبذ الاختلاف تحت سقف الحضارة.

مخطئ من يعتقد أن «إكسبو» مجرد معرض تستضيفه دبي لستة أشهر، ثم ينفضّ السامر، ويذهب كل ضيف إلى حال سبيله، وتنتهي القصة، ومخطئ من يعتقد أن الإمارات تبني وتُنفق ما بين 18 إلى 20 مليار درهم، لاستضافة معرض دولي مؤقت ينتهي بعد ستة أشهر، ومخطئ من يعتقد أن دبي بالغت في الاستعداد لـ«إكسبو»، وبالغت في رفع سقف الصرف والإنفاق والبناء لهذا المعرض!

مخطئ من يعتقد ذلك، لأن دبي وضعت خطتها التطويرية لتلك المنطقة، التي ستستضيف «إكسبو» في جبل علي حتى عام 2030، ولم تُخطط لها بشكل منفرد، بل خططت لها بالتنسيق والمشاركة مع أبوظبي، لبناء مشروع اقتصادي وعمراني وسياحي وعلمي ووطني، يُفيد المواطن، ويفيد الأجيال المقبلة للإمارات، ويعزز مكانة الدولة الاقتصادية والسياحية والتعليمية، مشروع مدروس بعناية فائقة، ليس صورة مكررة من المشروعات المحيطة به، وليس مرتبطاً باستضافة «إكسبو»، صحيح أن «إكسبو» جزء من المشروع، لكنه ليس الجزء الأهم فيه.

الإمارات لم تبالغ في تضخيم الحدث، ودبي لم تبالغ في الصرف، وهناك معارض «إكسبو» تاريخية حققت طفرة سياحية للمدن التي استضافتها، استمرت لسنوات طويلة، والإمارات تسعى لخلق «إكسبو» مميز في منطقة مستدامة، لا يقل عن هذه المعارض التاريخية المميزة، فعلى سبيل المثال عندما صمم غوستاف إيفل برج إيفل الشهير، ليكون المدخل الرئيس لـ«إكسبو» باريس 1889، كان يتوقع أن يزوره سنوياً 500 ألف زائر، لكن البرج استقبل مليونَيْ زائر عند انتهاء السنة الأولى من بنائه، وفي عام 2002 استقبل الزائر رقم 100 مليون، وهو أحد أشهر المعالم السياحية في العالم، منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا!

بالتأكيد لن نبني برجاً شبيهاً بإيفيل في جبل علي، لكن دبي ستبني مدينة متكاملة قريبة من مدن ترفيهية مميزة سترى النور قريباً، ومتناغمة مع خطتها لاستقبال 20 مليون سائح، هذه الخطة ليست مرتبطة بـ«إكسبو»، لكن «إكسبو» سيكون رافداً وداعماً للوصول إلى هذا الرقم وأكثر!

إنه التحدي الذي تخوضه دبي، وهو الرقم الذي يشكك كثيرون في قدرة «إكسبو» دبي على استيعابه، لكن من يعرف حجم العمل والإصرار وعشق التحدي الذي تتميز به الإمارات وشعبها وقادتها، بالتأكيد لن يستغرب ضخامة الرقم، فإذا كان دبي مول، وهو مركز تسوق في دبي، زاره العام الماضي 80 مليون شخص، ليحقق بذلك لقب أعلى مركز تجاري من حيث الزوار على مستوى العالم، وإذا كان المسافرون عبر مطار دبي وصل عددهم إلى 85 مليون مسافر العام الماضي، فهل من المستحيل أن تستقطب دبي والإمارات 20 مليون سائح؟!

«إكسبو» مشروع وطني، لابد أن يستفيد منه المواطنون الراغبون والحريصون على المشاركة، والمقيمون أيضاً، وهذا ما وضعه القائمون على المعرض ضمن أولوياتهم، خصوصاً مع إعلانهم إعطاء الشباب المواطن، من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة الفرصة الكاملة، والتسهيلات اللازمة للدخول والمشاركة والمنافسة والاستفادة المباشرة، وذلك ليس ترويجاً ولا تصريحات كلامية، بل هو سياسة وضعها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واللجنة العليا المنظمة ملتزمة بها، والمطلوب الإصرار والعمل والمشاركة من الشباب أصحاب تلك الشركات، فـ«إكسبو» فرصة تاريخية للنجاح.. لا يمكن تعويضها أبداً!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر