كل يوم

وسيلة نشر فعالة لكنها ليست رأياً عاماً!

سامي الريامي

وسائل التواصل الاجتماعي ثورة حقيقية في سرعة الانتشار، ونقل المعلومات والأخبار، لا أحد ينكر ذلك، وهي أتاحت للمؤسسات الحكومية والإعلامية وحتى الأفراد، منصات جديدة للتواصل مع شرائح مجتمعية جديدة، وواسعة جداً من حيث العدد، لم يكن بالإمكان الوصول إليها من خلال الوسائل التقليدية، وهذا شيء إيجابي للغاية.

«تويتر» على سبيل المثال، إضافة إلى كونه وسيلة تواصل اجتماعي، فهو وسيلة جديدة للترويج والدعاية، كما أنه وسيلة توعية جيدة يمكن استخدامها من قبل الجهات الحكومية، ووسيلة نشر خبرية تساعد وسائل الإعلام على التميز وتحقيق السرعة في نشر الأخبار، وهو يحقق بالفعل انتشاراً جيداً للرسالة، وهو وسيلة تواصل لا يمكن الاستغناء عنها عند ملايين البشر.

• لا يمكن الاستغناء عن وسائل التواصل، هي بالفعل فضاء مفتوح، كثيرة الفائدة لمن يريد جنيها وتحقيقها، ووسيلة تدمير ومؤامرات وفتن لمن يريدها أيضاً كذلك.

لكن هذا لا يعني تصنيف «تويتر» على أنه قياس للرأي العام الحقيقي، هذه حقيقة علمية لا دخل لها في حب البعض أو كرهه لهذه الوسيلة، فقياس الرأي العام علم قائم بذاته، يعتمد على كثير من الأساسيات، غير موجودة في «تويتر»، بل هي موجودة وبشكل قابل للدراسة والبحث واستخلاص النتائج في وسائل أخرى، ليس من بينها «تويتر»!

قياس الرأي العام يعتمد أسلوب الشرائح التي يجب أن تكون واضحة، وممثلة وفقاً لموضوع الدراسة أو الاستطلاع أو البحث، معتمدة على حقائق ومعلومات أساسية، أهمها عدد الشريحة، وجنسها والفئة العمرية وأحياناً الجنسية، لاحظوا أن الاسم غير مهم، لكن بقية المعلومات مهمة، وإلا فليس هناك مجال لإجراء بحث أو دراسة أو استطلاع علمي لقياس الرأي العام!

يعتقد البعض أن ما يقرأه في «تويتر» هو رأي عام حقيقي، بينما الحقيقة العلمية تؤكد أنه ليس كذلك، فهو في الغالب رأي عام موجه، وتوجيهه سهل للغاية من أي مجموعة قليلة العدد، لأي هدف نبيل، أو غير نبيل، تريد الوصول إليه!

في «تويتر» لا يمكن معرفة العدد الحقيقي للمشاركين في إبداء رأي حول موضوع معين، ولا يمكن معرفة الشريحة الحقيقية المشاركة، فالحسابات الوهمية، أو بأسماء مستعارة تستطيع تغيير النتائج، وتوجيه القضية إلى الاتجاه الذي تريد، كما أنه من السهل جداً إخفاء أية معلومات أساسية يحتاج إليها الباحث أو المحلل حتى يستطيع قياس الرأي العام.

لا يمكن الاستغناء عن وسائل التواصل، هي بالفعل فضاء مفتوح، كثيرة الفائدة لمن يريد جنيها وتحقيقها من وجوده فيها، ووسيلة تدمير ومؤامرات وفتن لمن يريدها أيضاً كذلك، وهي وسيلة نشر وتوعية مفيدة جداً للجهات الحكومية، ولكن هذا لا يعني أبداً أن تكون وسيلة لتبني القرارات والتوجهات والاستراتيجيات والخطط، ليس من المنطق اتخاذ قرار لأن هناك شخصاً كتب تغريدة في اتجاه معين، وحرّك من خلف الكواليس مجموعته لدعم تغريدته، ومن ثم عمل الجميع على إثارة وتحريض البقية للانجرار خلفهم، ثم تأتي جهة حكومية لتعتبر ذلك رأياً عاماً يجب الانسياق خلفه، من دون أن تمتلك هذه الجهة أية معلومات حقيقية عن أسباب الحملة الموجهة أو عدد محركيها، أو تأثيرها الحقيقي في بقية شرائح المجتمع ممن لا يشاركون ولا يسهمون في المعارك الافتراضية في هذا المكان الافتراضي، خصوصاً أن الحقيقة الكامنة خلف الكواليس أن هذا الرأي العام المصطنع، ما هو إلا رأي شخصي، يقبل الصواب والخطأ والانتقاد والمناقشة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر