كرة قلم

«حاجة محرزة»

حسن الجسمي

بصراحة، وبعد 15 عاماً من مشاهدة الدوري الإنجليزي، لم أتخيل يوماً أن أشاهد لاعباً عربياً يفوز بجائزة أفضل لاعب في مهد كرة القدم، حتى أتى رياض محرز، وحققها أمام نجوم الملايين والفلاشات، مثيراً حالة من الاندهاش في إنجلترا، والعالم بأسره.

أما آن الأوان أن تفكر يا لاعبنا العزيز في أن تترك النادي الذي بجانب منزلك، وسيارتك الفارهة، وتذهب لتبحث عن المجد من الصفر؟

تخيلوا أن رياض كان، قبل عامين، في الدرجة الثانية بالدوري الفرنسي، وبالعمل الجاد أتى «محرز» ليحرز حتى الآن 17 هدفاً، ويصنع 11 هدفاً، أي أنه تدخل في 28 هدفاً، في 33 مباراة لعبها، ليلخص أحد الصحافيين الإنجليز المشهد، قائلاً: «أتى من المجهول، ليفعل اللا معقول».

محرز قصة كفاح ونجاح لابد من الحديث عنها، فهو ليس أول عربي يحرز الجائزة فقط، إنما هو أول إفريقي يحقق الجائزة أيضاً في زمن يايا توريه ودروغبا وكانو، وغيرهم من النجوم، فعندما سأله المذيع ليلة التتويج، قائلاً: دروغبا بشحمه ولحمه لم يحققها فكيف حققتها أنت؟ أجاب بكل تواضع، قائلاً: «لست الأحسن، لكنني الأول»!

نجاح محرز يدعو إلى الفخر، ويدعو إلى التمعن، كيف كان وأين أصبح، فكيف للاعب أن يبدأ من الصفر إلى المجد، كيف حول قيمته قبل عامين من 120 ألف يورو إلى 20 مليون يورو في يومنا هذا؟! كيف تحول من لاعب عادي جداً إلى هدف ومطمع لأكبر أندية أوروبا.

قصة محرز يجب أن توضع في ممرات وغرف تغيير الملابس للاعبي الخليج، كيف صبر ورضي بالقليل، وكيف تحول من مغمور إلى مشهور، كيف رضي براتب لا يذكر، ولا يستطيع أن يجد فيه قوت يومه في فرنسا، إلى صاحب ملايين بكل جدارة واستحقاق.

أما آن الأوان أن تفكر يا لاعبنا العزيز في أن تترك النادي الذي بجانب منزلك، وسيارتك الفارهة، وتذهب لتبحث عن المجد من الصفر؟ فما أنت عليه الآن ما هو إلا منظومة أنت جزء منها، وما تجنيه من كرة القدم من مال وشهرة محلية، وتقارن نفسك بأصحابك العاملين في القطاع الخاص والحكومي، قد يتحول بعد عامين أو ثلاثة إلى ملايين وشهرة عالمية، وحتى تقتنع بكلامي اسأل محمد صلاح والنني، وغيرهما من الذين تحولوا إلى مفخرة بين شباب جيلهم وأوطانهم.

من مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، يرى الإيطالي نيكولو ماكيافيلي، خلال القرن السادس عشر. وجوهر فكرته أن يحدد المرء هدفاً، وبعد ذلك يبحث عن الوسائل التي توصله إلى ذلك الهدف، أياً كان شكلها أو كيفيتها، لذلك إن لم يبدأ لاعبونا بمبدأ الغاية والوسيلة، فسيبقون على ما هم عليه، ونصفق ونحيي ونفتخر بلاعبين من دول عربية مجاورة، ونحن نردد السؤال الذي أطلقناه منذ بداية تسعينات القرن الماضي، وأصبحنا نخدع أنفسنا به، وأصبحنا نردده في كل لقاء، وبعد كل بطولة وبطريقه مللناها: «هل أنت مع احتراف اللاعب المواطن»؟!

آخر كلمة

مبروك للجزائر والعرب ولرياض محرز، الأمر يدعو إلى الفخر، فأنت فعلاً يا محرز «حاجة محرزة»!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر