أبواب

معلوف عن قرب

سلطان العميمي

ينتمي الأديب والمفكر أمين معلوف الذي مُنح قبل أيام شخصية العام الثقافية في جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها العاشرة، إلى ذلك الجيل الكبير من الكتّاب العالميين الذين تركوا تأثيرهم في الفكر الإنساني المعاصر من خلال مؤلفاتهم وأفكارهم.

كانت بداية معرفتي بعالم معلوف من خلال إحدى رواياته التي دفعتني إلى البحث عن بقية مؤلفاته وقراءتها، ومن خلال رواياته التي يغلب عليها الطابع التاريخي، تكوّن لدي انطباع عن جوانب إنسانية مهمة يحملها في فكره، ولا أذكر السبب المباشر الذي دفعني بعد ذلك إلى قراءة عمله الفكري المهم «الهويات القاتلة»، إلا أني أذكر جيداً أن الكتاب أسهم بشكل كبير في تغيير كثير من أفكاري.

لقد ترك الكتاب تأثيره في نظرتي إلى الآخر، انطلاقاً من رؤية معلوف لنفسه وجذوره وتاريخه والمكان الذي يعيش فيه حالياً. يقول عن هوية الإنسان: «الهوية لا تتجزأ، ولا تتوزع أنصافاً أو أثلاثاً أو مناطق منفصلة، أنا لا أمتلك هويات عدة، بل هوية واحدة مكونة من كل العناصر التي شكَّلَتْها وفق (معايرة) خاصة تختلف تماماً بين رجل وآخر».

• معلوف في رواياته هو نفسه الذي في أعماله الفكرية، هو نفسه الذي في مقابلاته التلفزيونية، مفكر وكاتب جدير بالاحترام، وباحث حقيقي عن تحقيق السلام بين سكان هذا العالم المتناحر، وحصوله في بلد الإمارات المحبة للسلام على لقب شخصية العام الثقافية في جائزة زايد للكتاب، أمر أسعدنا كثيراً، مثلما أسعده حين وصله قرار الاختيار.

في ذلك الكتاب، تحدث معلوف عن خصوصية الهوية التي يكشف عن حيرته أمام تعريفها، وهو يراها في مكوناتها تعطي للإنسان خصوصية فريدة تجعله لا يشبه الآخر تماماً، وفي الوقت نفسه تربطه هذه المكونات بملايين البشر غيره، ولذلك هو يشعر بوجود هوية مشتركة تربطه بهم، يتعلق بعضها بالسلالات البشرية من جهة أمه أو أبيه أو جدته أو جده، ويتعلق بعضها بأواصر دينية أو مذهبية أو بمكان الولادة أو النشأة أو العمل أو الاستقرار، أو بهواية مشتركة أو جنسية قديمة أو حديثة أو مكان الدراسة أو التخصص فيها، أو حتى من خلال تشجيع فريق معين.

إنها مكونات لا نهائية لهوياتنا، وهي مكونات بإمكاننا أن نجعلها نافذة لمد أغصان السلام إلى الآخرين بدلاً من إذكاء نار مختلف أنواع الصراعات.

وقد دافع معلوف في كتابه الجميل ذاك عن الإسلام دفاعاً كبيراً، رافضاً أن تلصق به التهم المتعلقة بالإرهاب الذي لا دين له، مؤكداً أن هوية الإرهاب لا ترتبط بهوية الإسلام.

وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه أخيراً، قال: «المشكلة ليست في الهوية، المشكلة في عدم قبول الآخر لهوية الآخرين، وهناك ما يسمى بثقافة السلم، ومن خلالها يستطيع الإنسان أن يربي أجيالاً معينة على الطريقة التي يمكن من خلالها التعايش مع الآخر المختلف عنه في هويته».

أمين معلوف في رواياته هو نفسه الذي في أعماله الفكرية، هو نفسه الذي في مقابلاته التلفزيونية، مفكر وكاتب جدير بالاحترام، وباحث حقيقي عن تحقيق السلام بين سكان هذا العالم المتناحر، وحصوله في بلد الإمارات المحبة للسلام على لقب شخصية العام الثقافية في جائزة زايد للكتاب، أمر أسعدنا كثيراً، مثلما أسعده حين وصله قرار الاختيار وعبّر عنه قائلاً: منحي «شخصية العام» ينطوي على تفهّم عميق لأعمالي.

buamim@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر