5 دقائق

نظرية «يو»

الدكتور علاء جراد

لا تتوقف قريحة المفكرين وعلماء الإدارة كبقية فروع العلوم عن التطوير والإتيان بالجديد حتى يواكب علم الإدارة مستجدات ومتغيرات العصر، أحياناً تكون هذه الأفكار جديدة تماماً، وأحياناً تكون إعادة تشكيل وتقديم لأفكار سابقة، فمثلاً لايزال العالم يجتر أفكار علماء مثل بيتر دراكر، وكريس أرجيرس. في عام 2009 قدم لنا أحد مفكري التعلم المؤسسي، ويدعى أوتو شارمر Otto Scharmer، وهو أستاذ بمعهد ماسوتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة MIT، وحائز جائزة التميز من المعهد، قدم هذا المفكر مفاهيم جديدة وإبداعية عدة، سماها «نظرية يو» أو Theory U التي تعيد شرح القيادة والابتكار وعلاقتهما باستشراف المستقبل، والخروج من حالة الإخفاق التي يشهدها الكثير من المؤسسات، ووفقاً لتلك النظرية هناك خمس مراحل إذا تم اتباعها بالترتيب فستساعد المؤسسات من خلال القادة في الوصول إلى تحقيق أهدافها، وتركز تلك المراحل على فهم الذات جيداً، من دون غموض أو إقلال أو مبالغة في تقديرها، وكذلك الاستماع للآخرين وتطبيق مبدأ «كن هناك»، أو الحضور، أي أن يكون الإنسان حاضراً دائماً بقلبه وروحه وعقله، وأن يركز على ما يقوم به ويكرس نفسه وطاقته، وتركز تلك النظرية على مفهوم المشاركة، حيث لا يستطيع الشخص أو المؤسسة أن يقوما بكل الأعمال التي يجب القيام بها، بل لابد من المشاركة والعمل معاً مع جميع المعنيين.

ركّز شارمر على مفهوم «الإنتاج التشاركي» بين المنتج والعميل، حيث تخطّى مفهوم إرضاء العميل أو إسعاده إلى إشراكه في عملية الإنتاج نفسها.

وفي إطار مفهوم المشاركة ركز شارمر على مفهوم «الإنتاج التشاركي» بين المنتج/‏مقدم الخدمة والعميل، حيث تخطى مفهوم إرضاء العميل أو إسعاده إلى مفهوم إشراك العميل في عملية الإنتاج نفسها، حيث يتم الأخذ برأيه في مرحل التصميم الأولى، وكذلك خلق القنوات التي تجعل العميل على اتصال دائم بعملية تصميم المنتج أو الخدمة. ومثال على ذلك ما تقوم به شركات مثل «أيكيا» «وليجو»، حيث يقوم العملاء أنفسهم بتصميم وابتكار أبعاد جديدة في المنتج أو الخدمة، ويحصلون على حقوق مادية ومعنوية مقابل ذلك، ويتفق هذا مع مفاهيم الإبداع والابتكار. ولا عجب أن هذا المفكر هو الذي يرأس كرسي الأفكار والابتكار بمعهد MIT، وكذلك مشروعات الابتكار العملاقة التي يقوم بها المعهد في الصين ودول أسيوية أخرى. وقد أسس معهد سماه «الحضور»، ويقدم دورات وبرامج لقادة ومفكرين لهم تأثير عالمي.

اللافت في الموضوع أن هذا الفكر لم يعد حكراً على الشركات والأفراد، فقد امتد لمؤسسات دولية عملاقة، مثل البنك الدولي والأمم المتحدة، وتقوم حالياً الحكومة الأسكتلندية بتبني نظرية «يو»، ومفهوم الحضور والتعلم المؤسسي، في دوائرها الحكومية مع التركيز على وزارة التعليم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر