مزاح.. ورماح

«يتبع..!!»

عبدالله الشويخ

هي كلمة كريهة أخرى من تلك الكلمات التي تجعل حياتنا أكثر صعوبة مثل كلمات: انتهى الرصيد، نعتذر عن قبول المعاملة، لقد تم تسجيل مخالفة، تعال بسرعة في مصيبة و.. احنا لازم نتجوز يا سعيد.. كنت ولازلت أكره كلمة «يتبع» منذ خرج بها أحد عباقرة التسويق الإعلامي، لكي يجبرك على متابعة قصته، أو مسلسله، أو روايته، والتي تنشر على سبعين عدداً مختلفاً، تجد نفسك مضطراً لمتابعتها وشرائها للوصول إلى النهاية.. بل إن الكثير من أبناء جيلي يحفظون رسمها باللغة اليابانية بسبب أهداف كابتن ماجد، التي كانت تستغرق سبع حلقات..

كلمة «يتبع..» تجعل حياتك أشبه بحياة العامل في إحدى السفارات أو القنصليات.. يقول لي أحدهم إن حياة من يعمل في السلك الدبلوماسي تصبح عبارة عن مجموعة من الانتظارات.. فحين يكون في داخل بلده ينتظر متى تأتي السفرية، لكي يعمل وينتج، وحين يخرج إلى السفرية، فإنه ينتظر موعد العودة إلى الأسرة والأصدقاء.. وهكذا يضيع العمر بين انتظار وانتظار، فلا العمل كان كامل العطاء، ولا الحياة كانت خالصة السعادة والاستقرار..

بالطبع فقد امتدت جرثومة «يتبع..» لتشمل الأنشطة الرياضية والثقافية وكل شيء جميل في هذه الحياة، فلا تنقضي جولة إلا وتعيش في انتظار تلك التي تليها، أصبحت ضليعاً في الحساب لكثرة ما تقسم رقم العام الذي أنت فيه على أربعة، لكي ترى هل هناك باق أم لا، فتعرف هل هي سنة كبيسة أخرى، فتضيف عامين آخرين لكي تتأكد من وجود بطولة لكأس العالم في هذا العام، أم لازلنا نعيش تحت ظلال «.. يتبع»!

نصيحتي لك كي تعيش حياة أكثر سعادة تكون فيها مستعداً للرحيل في أية لحظة.. لا تربط نفسك بأي شيء يحمل كلمة «.. يتبع»، لا قصة ولا بطولة ولا عرض موهوم بالسعادة.. ولا وعد بخير من آلاف صانعي الأحلام الكاذبين.. الآن وحالاً.. أنهِ أمورك واترك التعليق.. إن انتظار السعادة بين «يتبعين» لا يختلف عن انتظار الموت.. فواجهه واقطع حبال الرجا..

هناك قصة جميلة حكاها لي أحدهم كيف غيرت هذه الكلمة حياة أحدهم.. كان ذلك الشاب ينتمي لأسرة ميسورة، وكان له سر يخفيه عن المجتمع والمحيطين به، لم يكتشف إلى حين وفاته وهو أنه..

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر