5 دقائق

التنافس في العمل الإنساني

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

العمل الإنساني عمل نبيلٌ لا يحرص عليه إلا نُبَّلُ الرجال، الذين يستشعرون الأخوة الإنسانية ويتحسسون حاجاتها، فيجدون أُنسهم بنفع بني الإنسان أينما كانوا، ولا يكون ذلك إلا من قلب رحيم، وطبع كريم، وتوفيق العليم سبحانه، وقد كان في طليعة هذا العمل النبيل هذا الشعب الكريم، بقيادته الرحيمة الحكيمة، حتى غدت دولة الإمارات في صدارة الدول المانحة بشهادة الأمم المتحدة التي أفاد تقريرها على لسان أمينها العام: أن دولة الإمارات في مقدمة الدول المانحة للمساعدات، واختارت الأمم المتحدة إطلاق تقريرها على أرضها تقديراً لدورها العظيم البارز في العمل الإنساني النبيل.

وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، الذي قال: إن «دولة الإمارات أصبحت الأولى عالمياً في العطاء الإنساني، والرائدة دولياً في تبني القضايا الأممية، وستظل تعمل على ترسيخ ذاتها عاصمة إنسانية عالمية».

• قيادة تجعل العمل الإنساني هدفاً لها، وتبادر بمبادرات سخية فيه؛ هي جديرة بأن تكون في وجدان كل إنسان.

قيادة تجعل العمل الإنساني هدفاً لها، وتبادر بمبادرات سخية فيه؛ هي جديرة بأن تكون في وجدان كل إنسان يشعر أن له إخوة في الإنسانية يتحسسون همومه وحاجاته.

وذلك هو روح الإسلام الذي جعل العمل الإنساني من الخير الذي يحبه الله تعالى ويثيب عليه، فالخلق عيال الله ــ أي فقراؤه ــ وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، كما ورد، فإن الإسلام أوجب على بني الإنسان أن يكونوا رحماء، مستشعرين الإخاء، والحاجة المتقلبة، وأعطى الإنسان حقوقاً على أخيه الإنسان مهما كانت ديانته، ما لم يكن محارباً للإسلام والمسلمين، فقد جعل من أجلِّ علامات المقربين لديه أنهم {يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}، وأنهم إنما يفعلون ذلك لوجه الله {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً}.

العمل الإنساني إخاءٌ، وتراحم، ومحبة، ووفاء، وطاعة، ووقاية من صروف الحَدَثان، واستزادة لفضل الرحيم الرحمن الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا، والذي يقبل الصدقة بيمينه ــ وكلتا يديه يمين سبحانه ــ ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فُلُوَّه كما صح في الحديث، وهي كناية عن محبته لها ولفاعلها، الذي ينادي عباده صباح مساء: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}، {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، وإقراض الله هو الإحسان لعباده الفقراء، الذين مسَّتهم البأساء والضراء وزلزلوا من ديارهم وأموالهم، ونحوهم من ذوي الحاجات، الإحسان إلى هؤلاء بمساعدتهم على الحياة غذاء ودواء وتعليماً ورعاية صحية وحماية من الهلكة، كل ذلك مما يحبه الله ويرضى به، وهو فوق ذلك شكرٌ له سبحانه على نعمته التي أولاها المحسن، فهو المعطي وهو المانع سبحانه، ولا تحفظ نَعماؤه إلا بمعرفة حقها، والامتنان لواهبها سبحانه.

فالدولة التي قدرت هذه النعمة، وعرفت حق الله فيها، وأوصلته لمستحقه من عباده، هي بذلك تحفظها وتحمي أهلها، وتستزيد مِنة الله تعالى الموعودة للشاكرين.

ناهيك عن اكتساب محمدة الناس التي هي عاجل بشرى المؤمن، وتقييدهم بمِنَّة الإحسان، التي سيشعرون بها خالفاً عن تالف، وبذلك تكون رائدة في العطاء، رائدة في المكانة، رائدة في الاقتداء والاحتذاء، وقديماً قال أبوعمرو بن العلاء: لم تقل العرب قطُّ بيتاً أصدق من بيت الحطيئة:

من يفعلِ الخير لا يعدم جوازيَه لا يذهب العُرف بين الله والناسِ

زادها الله فضلاً ومكانة ونفعاً.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر