5 دقائق

عشرُ الأَوَّلِيَّة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

شُكر ذوي الإحسان فريضة إسلامية ومكرمة خُلقية، ومهما تعدّد الإحسان فلن تجد بعد نعمة الإيمان أجلَّ من نعمة الأمن في الأوطان، وحفظ كرامة الإنسان، وسعادة الأبدان، وقد يحصل بعض ذلك، في بعض البلدان، أما أن يجتمع كل ذلك فليس إلا لهذا الشعب الذي منحه الله رجالاً يسعون لتحقيق هذه الأمور العظيمة بجهدهم ومجدهم.

إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي يدخل العقد الثاني من توليه مقاليد الحكم في هذا البلد المبارك يحتم على كل منصف، فضلاً عن محب، أن يجعل هذا الرجل في صدارة الرجال الأفذاذ الذين قلَّما يجود الزمان بمثلهم، والذين يتعيّن أن تكون حياتهم مدرسة ينهل من معينها من يريد السعادة الذاتية والمجتمعية، فهو ذو الهمّة العالية التي لا تعرف التواني، أو المستحيل، جعلته يفكر في خيال واسع، وإذا بالخيال يصبح حقيقة، ولعل الجميع يذكر إحدى المناسبات في بداية نهضة دبي على يده الكريمة؛ إذ كان يجلس بجواره أحد رجال الأعمال الكبار من الدول الخليجية، فأفشى سراً من طموحات الشيخ محمد مما نمى إليها علمه، فأكبرنا ذلك، وقلنا: إن هذا الرجل سيفعل ما يتمناه، وإذا بذلك الأمر الذي أفصح عنه الرجل يبرز للعيان في برهة وجيزة، وما كانت تلك إلا نواة لأمور هي أكبر بكثير مما قيل وذُكر.

• دبي أصبحت الأسرع نمواً في العالم أجمع، والأذكى على مستوى العالم، والآمن كذلك، فضلاً عن النظام العادل، والجمال الباهر.

لقد أصبحت دبي الأسرع نمواً في العالم أجمع، والأذكى على مستوى العالم، والآمن كذلك، فضلاً عن النظام العادل، والجمال الباهر، والسعادة الوارفة الظلال، والتعايش المتآلف.. وما كان ليحدث بعض ذلك فضلاً عن كله لولا الهمّة العظيمة من هذا الرجل، فانعكست على من تحت يده من شعب وفِيٍّ محب، وصديق صادق، فجعلت الكل يتفانى في تحقيق أهدافه، التي هي بغية كل إنسان سوي.

لقد بنى دبي كما يريد في عشر سنوات، وهي فترة أوجز من الوجيز لا تُصنع عادة في مثلها هذه الحضارة الزاهية، ومع ذلك فهي كل يوم تزداد ابتهاجاً وتطوراً وتوسعاً وتحضراً وجذباً، تمخر في جو التطور بسرعة الريح، فما يسمى بالعالم الأول إنما سمّي بذلك بعد عشرات السنين أو مئاتها؛ لأن فيها بعض ما في الإمارات، أما الإمارات عامة ودبي خاصة فقد وصلت إلى رقيّها المنشود في زمن أقل من ذلك بكثير.

وأتذكر موقفاً مع أحد الإخوة الفضلاء في بداية النهضة الجبارة لدبي كان يقول: كيف ستكون دبي بعد عشر سنوات! وهو يرى أنها ستكون في عالم خيالي، ونحن اليوم نشاهدها كذلك، ففي العشر التالية سنرى أن العشر الأُوَل إنما كانت مقدمات لما هو أكبر وأكثر وأوفر إن شاء الله تعالى.

واليوم لم يعد هذا الشيخ يقصر همته على شعبه ودولته، بل تخطى ذلك لإسعاد العالم فجعل برامجه عالمية، فمن مشاريعه الإنسانية والمعرفية، وإبداعاته الفكرية، إلى القمم العالمية التي تهدف لخدمة الإنسان، اقتصاداً، وتنمية للمواهب، وابتكار الأفكار الإبداعية وتبنِّيها، فهو بحق كما قال أبوبكر النّطّاح يصف بعض الأمراء:

له هممٌ لا منتهى لكبارها ... وهمّته الصّغرى أجلُّ من الدّهر

له راحةٌ لو أن معشار جودها ... على البرّ كان البرّ أندى من البحر

رجلٌ هذه همّته وهذه أفعاله، هو جدير بالشكر والثناء، والحب والوفاء، وخالص الدعاء.

فحفظك الله أبا راشد وحفظ بك البلاد والعباد.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر