5 دقائق

«الأسَــدْ إذا إنجِـرَحْ صــارْ إمخَطـورْ»

سعيد المقبالي

لا يمنع المقاتل في سبيل الحق من التقدم لتحقيق أهدافه إلا الموت، أو لغرض إعادة التكتيك والتهيؤ، أما جروحه فهي حافز أكبر يسبب قوة معنوية تدفعه للاستماتة طلباً لتحقيق النصر، فيشكل خطورة أكبر على العدو الذي لن تجدي وسائله المختلفة لإخافة هذا «الأسد الجريح».

أسودنا الجرحى الذين يرقدون على أسرّة المستشفيات جراء إصابتهم في الهجوم الغادر من ميليشيا الحوثي، ما زادتهم هذه الإصابات إلا عزماً وقوة، ظهرت جلية في رغبتهم جميعاً بالعودة إلى ساحة المعركة.

هنا نفهم بشكل أدق تلك العبارة التي رددها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، «مخلفة عليكم يا عيال زايد»، نعم، هم خلف رجال لم تنهكهم العوائق والظروف التي مرت بهذه المنطقة من مئات السنين، ولم تثنهم عن قهر المستحيل، والوصول بهذه الأرض إلى العز والرفعة اللذين نشهد عليهما جميعاً.

ومثلما أجابت الإمارات وقيادتها وشعبها نداء الشقيق اليمني الذي «اعتزا» بنا لنصرته ضد من يعيثون الفساد في أرضه، كذلك كان أجدادنا، أجداد هؤلاء الرجال من أبناء قواتنا المسلحة يجيبون من يطلب منهم «الفزعة» فينصرونه حتى لو كلفهم ذلك أرواحهم.

إننا اليوم أمام نموذج متكامل للشخصية الإماراتية الحقيقية، بعيداً عن الترف والمظاهر، وما وصلنا إليه من تطور في كل الأصعدة، وبعيداً عن الحالات الشاذة من الأفراد غير الأسوياء فكرياً وخلقياً.

هذه الأحداث، كما قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، أظهرت لنا معادن أبناء الإمارات الحقيقية «الموروثة»، وقدمت صورة حية عنهم للعالم أجمع، ولكل من كان لديه لبس أو نوع من «الغشامة» عن الصورة الحقيقية لهذا الشعب.

لقد جاءت هذه الأحداث ليرينا الله، سبحانه، من خلالها قوة التلاحم الوطني، ويعززه بقدرته، سبحانه، سواء بين القيادة والشعب أو بين أفراد الشعب بعضهم مع الآخر، فإنها نعمة، وهي غنيمة غنمناها بقيمة معنوية مضاعفة، تتجاوز ما أنفقته الدولة من مال في سبيل تجهيز وتسليح القوات المسلحة.

اليوم نحن أقوى إرادة وعزيمة وإصراراً.

اليوم ورغم ما أصابنا لفقدنا مجموعة من خيرة أبناء الوطن، الذين استشهدوا على أرض اليمن، ورغم وجود أعداد من أبنائنا على الأسرّة البيضاء في المستشفيات، إلا أن عزيمتنا وإصرارنا على أن تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة شامخة في كل المجالات، زاد وقودها ووهجها مثل أولئك العسكريين الجرحى الذين أعطونا درساً قيّماً في صلابة الإرادة وعزم الرجال.

وأخيراً.. ما يختلج في صدورنا وصدور جرحانا تلخصه كلمات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:

الخِلاصــــــــــهْ يــــــــــا زعيــــــــــمْ المرجِلِــــــــــه            

                                                         أنْ كِـــــــلْ الشَّـــــــعبْ فـــــــي أمــــــركْ يثــــــور

ولــــــــــــي بديتــــــــــــهْ يامحمـــــــــــدْ كَمِّلـــــــــــهْ

                                                         وكِلِّنــــــــــا ويَّــــــــــاكْ ياصَــــــــــقْر الصِّــــــــــقور

عَلِّـــــــــــمْ الخـــــــــــاينْ يـــــــــــاكيفْ إتنزِّلــــــــــه

                                                         وكيــــــــفْ أنْ الغــــــــدرْ بأصــــــــحابهْ يـــــــدورْ

ومـنْ جَـــــــــرَحْ سبـــــــــعْ الفلا يتحَمِّلـــــــــه

                                                       والأسَــــــــدْ إذا إنجِـــــــرَحْ صـــــــارْ إمخَطـــــــورْ

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر