مزاح.. ورماح أحمد حسن الزعبي

عيون البابا

أحمد حسن الزعبي

متعتي الأولى أن أستمع إلى أخبار الزاهدين وأصحاب النزاهة العالية من زعماء العالم، وأنقل قصصهم والترويج لهم ما استطعت، سواء بالمقال أو بالكاريكاتير أو بالـ«يوتيوب»، وبكل وسائل تواصلنا الحديثة، لا لشيء، فقط لنضرب نموذجاً طيباً علينا أن نفخر به ما استطعنا. في المقابل، متعتي الثانية أن أتابع أخبار الجشعين وأصحاب السلطة والمال، الذين يحتلّون الأوطان ويتحلّون على الشعوب، وأنقل قصصهم والإشارة بإصبعي إلى كروشهم المتخمة ما استطعت سواء بالمقال أو بالكاريكاتير أو بالـ«يوتيوب»، وبكل وسائل تواصلنا الحديثة، لا لشيء، فقط لترى الشعوب المطحونة بعض نماذج من يقودهم.

بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، ارتاد سيارته الصغيرة «فورد فوكس» قبل أيام، ومضى بها إلى متجر للنظارات الطبية في شارع «فيا دل بابوينو» في العاصمة الإيطالية روما، وعندما دخل المحل هناك طلب من موظف المبيعات أن يستبدل له العدسات فقط، وأن يُبقي على الإطار القديم، وعندما نصحه البائع بتغيير الإطار إلى نوع آخر أحدث ويجاري الموضة، أصر على إبقائه كما هو، وتغيير العدسات فقط، لأنه لا يريد دفع الكثير من المال، فهي تفي بالغرض، حسبما أشار للبائع.

سواء أكان المال المدفوع على حساب «دولة الفاتيكان» أو من جيبه الخاص، ففي الحالتين هو مؤشر إلى نزاهة الرجل وتواضعه، هو لا يهتم ببرواز عينيه وإنما بالرؤية السليمة. يعجبني القائد عندما يضرب مثالاً حقيقياً في نظافة اليد والحرص على الرعية وأموالهم. يعجبني الذي يقاتل بصمت لأجل وطنه أو رعيته من خلال سلوكه، لا من خلال ماكينات الإعلام التي تقوم بعمل مساحيق الغسيل في تبييض الصورة ليل نهار وتلميعها وتلقيمها للمتلقي وهو على غير قناعة، عندما ينبت سلوك بسيط وغير مبرمج، عندها تشعر أن الوطن في أمان، فمن انزوى في متجر ليمارس نزاهته وإنسانيته على أبسط الأشياء، لن يبدّلها أمام العالم وبأموال العالم.. والله أعلم.

حادثة صغيرة كشراء العدسات قد لا ترتقي إلى مستوى الخبر حتى، لكن كان لها وقع الجرس عندي، فنحن في العالم الثالث لسنا بحاجة إلى تغيير الإطار.. بقدر ما نحن بحاجة إلى تحسين الرؤية.

وسلامة «عيون» البابا..

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر