5 دقائق

مكافحة التمييز والكراهية

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

الإمارات العربية المتحدة سبَّاقة لإسعاد البشرية كعادتها في كل شيء حتى في التشريعات التي تحقق هذه السعادة، وأهمُّها القانون الأخير الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة - حفظه الله تعالى وزاده توفيقاً وعوناً - فإن هذا القانون مع أنه منهج إسلامي واضح المعالم إلا أنه يعتبر تشريعاً عظيماً ذا أثر فعَّال في استقرار المجتمع وتعايش أفراده بمختلف أطيافهم، حتى يسعدوا بالأمن والاستقرار والانشغال بما يعنيهم وما يهمهم في أمر دينهم ودنياهم، لا بتُرَّهات الخلافات العقدية والفكرية التي لا تزيدها الإثارة إلا خَبالاً، فهو منهج الإسلام العظيم الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وقوله: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، وكان الواجب على الناس أن يكونوا لمثل هذا الهدي ممتثلين عاملين متحلِّين، إلا أن كثيراً من الناس اختاروا الخوض في المناهج الفكرية والعقدية حتى دخلوا في النيات ليصنفوا من يستحق العيش ومن يستحق الفناء، ومن يُسلم عليه ومن يهجر ويقاطع ويُعبس في وجهه، وجعلوا الناس في حلبة كراهية مقيتة، وصل دخانها كل مجلس و«وقروب» ووسيلة اتصال جماعي أو فردي، وذلك هو مبدأ التفكك الاجتماعي الموصل إلى مآسٍ لا تحمد عقباها، كما هو مشاهد معلوم.

«إن حكمة رئيس الدولة ورجاله المخلصين يعملون جاهدين لما يجعل الصف متراصاً في وجه الأخطار».

إن حكمة رئيس الدولة ورجاله المخلصين يعملون جاهدين لما يجعل الصف متراصاً في وجه الأخطار، ومنع الأشرار من أن يتسللوا للبيت المتوحد، الذي لم تعرف المجتمعات الإنسانية اليوم أكثر تماسكاً منه، فكان لابد من سد أي خلل ينفذ منه الأشرار، وذلك بمثل هذا القانون النافذ الذي يزع ذوي النفوس الشريرة التي تريد أن تفُت في عضد الأمة وتنهش جسدها السليم، ويجعلها تموت بغيظها، كما قال سيدنا عثمان رضي الله عنه: «لما يزع السلطان الناس أشدُّ مما يزعهم القرآن»، وذلك حينما يقلُّ الوازع الإيماني الذي يوجب على المسلم أن يكون عفَّ اللسان، سليم الجَنان، حسن الظن بأخيه المسلم، فضلاً عما يجب عليه نحو السلف الصالح من الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين وصالحي المؤمنين من المحبة والترحُّم والتأسي بمآثرهم، وغض النظر عن هفواتهم البشرية، الموكولة إلى رب البرية، فالناس لم ينصَّبوا قضاة بين الطوائف ولا حكاماً على العقائد، ويكفي المسلم أن يعرف الحق ويتعلم ما يجب عليه تعلمه من الصواب، ويحذر الوقوع في الزلل، وإن كان من أهل العلم يبين في مقام الدرس فقط الصواب من الخطأ من غير تكفير للمعين، ولا دخول في خصائصه الذاتية.

* «كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر