كل يوم

الحرب على التشدّد.. وقائية وتطهيرية!

سامي الريامي

دول الخليج أمام مفترق طرقٍ خطير، هي الآن في حربٍ مفتوحة مع التطرف والإرهاب، والحرب لها نهايتان، إما أن تنتصر على التطرف والتشدّد، أو يتزايد الشرر ويسيطر المتطرفون على مزيد من العقول، ليحولوا أجساد أصحابها إلى قنابل تفتك بالمجتمعات وأفرادها الأبرياء، لتُشعل نار الفتنة، ونار الفتنة إن تطايرت فستجد بالتأكيد من يُغذيها وينفُخ فيها لتحرق الجميع!

خطير جداً ما يحدث، والأخطر منه التباطؤ في المواجهة الشاملة القوية لكل بؤر التطرف في المجتمعات الخليجية، إنها حرب وجود وبقاء، حرب حياة أو موت، هي مواجهة شرسة إما أن نقضي عليها أو تقضي علينا، لذلك فلابد من ضرب معاقل التطرف، وتقطيع جذور الإرهاب، والتدقيق في كل مسبباته ومغذياته والقضاء عليها سبباً سبباً، لا هوادة ولا رحمة في ذلك، فالمتطرفون والمتشدّدون و«الدواعش» ومن في حكمهم، عقولٌ من حجر، وقلوبٌ لا تعرف معنى الرحمة، ومواجهتهم يجب أن تكون أيضاً بلا عواطف ولا رحمة!

«الحرب على (الدواعش) والمتطرفين، ليست مقصورة على الخلايا الإرهابية، ومواجهة أفراد التنظيم، بل يجب أن نبدأ بالحرب الوقائية، ثم المكافحة الواقعية، وثالثاً الحرب التطهيرية، شريطة أن تكون الحرب جادة بعيدة عن العواطف والمجاملات».

الحرب على «الدواعش» والمتطرفين، ليست مقصورة على الخلايا الإرهابية، ومواجهة أفراد التنظيم وأتباعه أينما حلوا فقط، بل يجب أن نبدأ بالحرب الوقائية، ثم المكافحة الواقعية، وثالثاً الحرب التطهيرية، شريطة أن تكون الحرب جادة بعيدة عن العواطف والمجاملات، والخوف من المواجهة، فهذه العوامل الثلاثة تحديداً هي التي أجّلت مواجهتنا للإرهاب حتى دخل بيننا، واستقوى على مجتمعاتنا الآمنة، حتى بدأ عمليات التدمير للمجتمعات الخليجية، وبدأ عملية جرّها إلى هاوية سحيقة.

الحرب الوقائية للتصدي لكل من روّج أو يروّج، أو دعا أو يدعو إلى الفكر المتطرف، وهؤلاء ليسوا جميعهم «دواعش» من سورية والعراق، إنهم «دواعش» الفكر المنتشرون بيننا في كل مكان، حتى وإن أنكروا ذلك، منهم من مات ومازال فكره سبباً من أسباب التشدد، ومنهم من لايزال يمارس هواية نشر التعصب والطائفية وتوزيع الفتاوى لإخراج من يشاء من الملّة، وتكفير كل مخالفٍ لرأي معين، وبهذا التكفير يستحلّون دماء الناس، وبهذه الفتاوى يتحزم ذوو العقول المتحجرة بأحزمة ناسفة لقتل «المنافقين» أو «الموالين للكفار» أو «الخارجين عن الملّة» أو غيرها من التسميات المقيتة التي تجعل كل إنسان مهما كانت ديانته هدفاً مشروعاً للتفجير، أو فصل الرأس عن الجسد. يزرعون هذه القناعات في العقول لأنها الوسيلة الوحيدة التي يستبيحون بها دماء المسلمين قبل غيرهم!

الحرب الوقائية يجب أن تبدأ لإبعاد الشباب عن هذه الفتاوى البالية، والتصدي لها عبر مواجهتها والطعن فيها، وشرح زيفها وكذبها، وتبيان الحقيقة، حتى لا يخرج علينا شاب غافلٌ مغفلٌ مُستغفل يقتحم مسجداً يوم الجمعة، في شهر رمضان، يقتل مصلين صائمين وأطفالهم، طمعاً في الشهادة ودخول الجنة، مُستنداً ومُقتنعاً ومؤمناً بأن هؤلاء يستحقون القتل، وبأنه سيحصل على الشهادة والحور العين بتفجير نفسه بينهم!

نحتاج إلى شنّ الحرب على هذه الفتاوى أولاً لوقاية الشباب، ثُم إلى حربٍ تطهيرية أخرى لتنقيح ديننا الحنيف من كل هذه الشوائب، التي نجح في تكريسها المتشددون منذ زمن طويل، وأخرجوا لنا «القاعدة» و«داعش» و«الإخوان» وغيرهم، حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة تفجير المساجد، وإن لم نُطهرها فسنصل دون شك إلى تصفيات وحروب طائفية، هذه هي حروبنا الرئيسة قبل أن تقصف الطائرات أوكار «داعش» في العراق وسورية، ومن دون خوضها بشراسة وقوة لا يمكننا الانتصار على الإرهاب!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر