كل يوم

«ند الشبا» ليست مجرد «لقبٍ وشنب»!!

سامي الريامي

هي ليست مجرد بطولة لكرة قدم الصالات، وهي ليست دورة رمضانية فقط، ولا هي تحدٍّ بين مجموعة فرق للفوز بكأس البطولة، ولا هي «لقب أو شنب»، الفكرة والهدف أكبر من ذلك بكثير، ومع ذلك فهي واحدة من أشهر البطولات الرمضانية في دول مجلس التعاون والمنطقة بشكل عام، وحققت هذا التفوق النوعي في فترة زمنية قصيرة جداً.

«ليست أموالاً مُهدرة، بل هي استثمار بعيد المدى في مئات من شباب الإمارات، استثمار في مواهبهم، واستثمار في غرس قيم التطوع والتنظيم والولاء للوطن والقادة».

تنطلق دورة ند الشبا الرمضانية برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي، وتضم ألعاباً هي: كرة قدم الصالات، كرة الطائرة، رياضة «بادل تنس» الحديثة، الجري، سباق الدراجات الهوائية، والتي ستجرى منافساتها في الصالة الرياضية بمنطقة ند الشبا، وتبلغ جوائزها المالية نحو ثلاثة ملايين درهم، هذا هو الإطار الذي يراه الجميع، لكن هناك ما هو أعمق وأهم من ذلك، هناك جانبٌ غير منظور من هذه الصورة في هذا الإطار.

زُرت مقر البطولة، وعندها فقط أدركت ما يرمي إليه سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، من خلال رعايته واهتمامه وحضوره بشكل شخصي لفعاليات البطولة يومياً، رأيتُ مئات الشباب في مختلف الأعمار، وغالبيتهم في سن المراهقة المُقلق، لكنهم هناك لا قلق ولا خوف عليهم، يأتون لثلاثة أهداف رئيسة لا رابع لها، إما مشاركين في البطولات المختلفة، وإما مشجعين ومرافقين لذويهم، وإما حالمين وطامحين بالسلام على «فزاع» والتصوير معه، فهو قدوة ونموذج لشباب الإمارات، قدوة في حبه وممارسته للرياضة، وقدوة في أخلاقه وتواضعه الجم، وقدوة في حبه لوطنه وأهل وطنه، ولا شك أن وجود هؤلاء الشباب بهذه الأعداد الكبيرة، وفي هذه السن الحساسة في مثل هذه الأجواء له كثير من الإيجابيات، ويُبعدهم عن كثير من السلبيات.

بطولة ند الشبا ليست حكراً على أحد، هي مفتوحة للجميع، ومن حق الجميع أن يشارك، داخل الصالة الرياضية أو خارجها، هناك جوائز ثمينة للفائزين، وجوائز أخرى للجماهير، وهناك أوقات جميلة ومفيدة يقضيها الشباب طوال فترة انعقاد البطولة في تلك الصالة، وهناك قيم ومبادئ وأخلاق تُغرس في نفوسهم، وليست من خلال الأوامر والنهي والزجر، وليست من خلال التلقين والحفظ، لكنها بالتعلُّم والمشاهدة والاحتكاك بنموذج «فزاع»، ومجموعة من خيرة شباب الإمارات أسهموا في ترتيب وتنظيم هذه البطولة الرائعة.

إنها ليست أموالاً مُهدرة، بل هي استثمار بعيد المدى في مئات من شباب الإمارات، استثمار في مواهبهم، واستثمار في غرس قيم التطوع والتنظيم والولاء للوطن والقادة، واستثمار في الوقت الذي يقضونه هناك ويستفيدون من كل دقيقة تمر عليهم، ولا أعتقد أن هناك أثمن وأغلى من المحافظة فكرياً وبدنياً على شباب الإمارات، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة والحساسة والخطرة من الزمن!

بطولة ند الشبا هي نموذج «سنوي» في كيفية استغلال أوقات الشباب والمراهقين بالشكل الأمثل، وتخيلوا معي لو كانت هناك فعاليات وأماكن ومراكز دائمة طوال السنة يمارس فيها الشباب هواياتهم، ويفجرون فيها طاقاتهم، ويُغرس من خلالها فكر التسامح والوسطية والمحبة، هل تُقدر تلك المراكز بثمن مقابل إنتاج جيل جديد متميز فكرياً وبدنياً؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر