مزاح.. ورماح

فن صناعة الأعداء..!!

عبدالله الشويخ

في الثمانينات كان هناك ذلك الكتاب الذي بقي متصدراً بورصة الكتب فترة طويلة، كان المؤلف لكاتب أميركي يدعى «ديل كارنيجي» تحت اسم: «كيف تكسب الأصدقاء».. ترجم الكتاب إلى عشرات اللغات وبيع منه أكثر من 16 مليون نسخة.. كان ذلك في زمان يكتب الناس على بيوتهم «أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم.. لطالما استعبد الإنسان إحسان»، بدلاً من عبارة «ونشرب إن وردنا الماء صفواً.. ويشرب غيرنا كدراً وطينا»، هل تجد الأمر غريباً؟! أنا لا أراه كذلك إطلاقاً.. فالناس جُبلت على حب كسب قلوب الناس ومحبتهم.. لكن بالطبع لكل قاعدة شواذ!

شواذ الفكر وشواذ المنطق وشواذ كل شيء.. دائماً يسيرون عكس السير.. لا أعرف ما الذي يمكن أن يستفيده أولئك الذين يستقتلون على كسب العداوات؟ تطبيق كل النظريات وكل الأمور التي تؤدي لأن يكرهك الناس؟!! ما هو السر.. وصلنا هكذا في غمضة عين إلى منتصف عام 2015، نحن الذين كنا لا نعرف هل سنعيش حتى عام 2000 ونرى ما الذي سيحدث للأجهزة الكهربائية بسبب ما عرف آنذاك بـ«علة القرن»! ها نحن سنودع 15 عاماً أخرى!.. يا للسرعة!.. هل فكرت في أن تتزوج أخيراً.. اذهب إلى الخطابة وستصدمك بأن الفتاة الموجودة في الصفحة الرابعة في الكاتالوج والتي أبديت إعجابك بها من مواليد عام 2001.. وهي تبحث عن زوج.. العمر يمر أيها الأحمق الكبير.. وأنت مازلت تبحث عن المزيد من الأعداء!!.. لم يبق الكثير لكي تمشي محمولاً على أعناق المنافقين الذين يحيطون بك.. ستصدمك قلة الماشين وراء جنازتك الكريهة..!! أنت من تحدد أرقامهم.. يمكنك تغيير الرقم الآن.. الرقم يقل بشكل يومي.. بتصرفاتك العدوانية اليومية.. أعدك بأن أنتظر انصرافهم للقيام بما أحلم به منذ فترة طويلة على قبرك!!

قبل أقل من 50 عاماً كان رؤوس القبائل يستقطبون الناس بالعطايا والكلام الطيب والوعود بالمستقبل المشرق.. لأن التفاف الناس حول أي شيء يعني قوته، محبة الناس هي رأس المال الحقيقي.. اسأل نفسك كيف سقطت بغداد في ساعات.. ستعرف أن الحب وحده هو ما يجعل الناس تقاتل من أجلك.. تقاتل من أجل سمعتك.. وتدعو لك حين ترحل..

خبراء صناعة الأعداء يزيدون، وهي صناعة لا تحتاج إلى الكثير من الخبرة.. يكفي أن تضيق على الناس.. أن تؤلب المجتمع عليهم.. أن تتهم البعض بما ليس فيهم.. أن تسيء الظن.. ألا تترك من يمشي «بجوار الحائط» في حاله.. تحرش بالجميع.. وهكذا أنت تصنع الأعداء لنفسك ومجتمعك.. ضيّق على فلان في رزقه وعلى الآخر في سمعته وعلى تلك في توجهاتها.. لا أسهل من إلقاء التهم.. والكل يخشى أن يخوض في جدال مع الجهلة.. فتزداد الثقة لديهم وتزداد وقاحتهم.. وينشق المنشق عن المنشق أصلاً.. ويكره هذا ذاك وتكره تلك هذه.. ويتحول في دقائق من كان على استعداد لأن يمنح روحه وحياته وقلبه لك ولقضيتك.. إلى عدو متربص شامت ينتظر لحظة سقوطك!

موضوع مقرف ويشعركم بالإحباط أليس كذلك؟!.. يعني يوم أحد.. والدنيا حر.. والافتتاح الرسمي لفصل الصيف.. لا تلومون مقالتي.

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر