5 دقائق

قياس العائد من الأخلاق

الدكتور علاء جراد

ربما سمعنا عن قياس العائد من الاستثمار في الأسهم، وكذلك قياس العائد من التدريب، لكن هل سمع أحد عن قياس العائد من الأخلاق أو سمات الشخصية؟ هذا هو أحد الموضوعات التي يتوقع أن تشهد أبحاثاً وأنشطة تثقيفية متعددة خلال الأعوام المقبلة، بدليل أن مجلة عالمية مثل «هارفارد بيزنس ريفيو» نشرت بحثاً كاملاً حول هذا الموضوع في عدد أبريل الماضي.

«المديرون الحاسمون الذين يتحمّلون المسؤولية، هم أيضاً يتعاطفون مع موظفيهم عند مرورهم بمشكلات».

قام الباحثون باستخلاص أهم أربع صفات تعكس أخلاقيات الرؤساء التنفيذيين، وتم قياس رأي موظفي 84 مؤسسة، من مختلف القطاعات، حول توافر هذه الصفات الأربع في مديريهم. والصفات هي: النزاهة، وتحمل المسؤولية، والتسامح، والعطف، ويلاحظ هنا أن صفتين تعتمدان على الحسم والعقل، وهما النزاهة وتحمل المسؤولية، وأن صفتين ترتبطان بالمشاعر والجانب الإنساني، وهما التسامح والتعاطف. واستعرضت الدراسة شرحاً وافياً لكل صفة، فالنزاهة تعني أن أفعال المدير تعكس أقواله، ولا توجد لديه أجندات خفية، أما تحمل المسؤولية فتُعنى بالشجاعة واتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب، ولو أغضبت تلك القرارات البعض. في الوقت نفسه فالمديرون الحاسمون، الذين يتحملون المسؤولية، هم أيضاً يتعاطفون مع موظفيهم عند مرورهم بمشكلات أو أزمات، ولديهم قدر من التسامح تجاه الأخطاء البسيطة التي يقع فيها الموظفون، ويحاولون مساعدتهم على إيجاد فرص للتعلم والنمو.

خلصت الدراسة إلى أن الشركات التي حصل رؤساؤها على تقييم مرتفع من الموظفين ــ أي الرؤساء الذين يتحلون بقدر كبير من الأخلاق ــ قد حققت عوائد أعلى خمسة أضعاف المجموعة الثانية التي أعطى الموظفون فيها تقييماً أقل لمديريهم في التحلي بالصفات الأربع، وقد نجح أحد مديري الفئة الأولى في زيادة عدد موظفي الشركة من 30 إلى 1500 موظف في 10 سنوات، كما زادت الحصة السوقية للشركة 55%. أما في الفئة الثانية فكان تعليق أحد الموظفين «إن مديرنا على استعداد لأن يلقينا تحت القطار إذا كان ذلك سيحقق له منفعة شخصية»، وأن المدير لا يقول الحقيقة دائماً، وباستمرار لديه «أجندة خفية» تخصه هو وحده. الطريف في الموضوع أنه طُلب من المديرين أنفسهم تعبئة الاستبيان، وقد لوحظ أن المديرين الذين يتمتعون بالصفات الأربع قد أعطوا أنفسهم تقييماً أقل مما أعطاه لهم موظفوهم، في حين أن الفئة الأخرى من المديرين الذين أعطاهم موظفوهم تقييماً منخفضاً قد أعطوا أنفسهم تقييماً مرتفعاً. رحم الله شاعر الأخلاق أحمد شوقي، الذي قال: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا، وصلى الله وسلم على نبينا الكريم الذي كان خلقه القرآن.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر