5 دقائق

سفراء منظمات الـ«فيس بوك»

الدكتور علاء جراد

يرغب الإنسان بطبعه في أن يتميز وأن يكون شيئاً مذكوراً، فتعتبر الحاجة إلى تحقيق الذات والشعور بالأهمية من أهم الحاجات التي يرغب الإنسان في إشباعها. ومن الرائع أن يحصل المرء على تقدير لما يقوم به من عمل، حيث يشعره ذلك بأهمية ما يقوم به، كما يحفز الآخرين ويلهمهم، ولكن تفشت في السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ ظهور «فيس بوك» ظاهرة الروابط والمنظمات التي ينحصر وجودها في مجرد صفحة على «فيس بوك»، مع شعار (لوغو)، وبضعة معجبين. هذه الروابط أو المنظمات «الفيسبوكية» الافتراضية أصبحت تتفنن في أن تتسلق على جدران بعض المؤسسات والأفراد، وتحاول ربط أنفسها بأحداث مهمة أو توجهات تلقى اهتماماً، فمثلاً انتشرت كيانات هلامية تطلق على نفسها أسماء رنانة، مثل الرابطة العالمية لـ(....)، وضع في هذا الفراغ ما شئت، فيمكن أن تضع كلمة التميز أو الإبداع أو الابتكار، وحبذا لو وضعت التنمية البشرية، التي أصبح «كل من هبّ ودبّ» يطلق على نفسه خبير تنمية بشرية، مع الاحترام لكل المؤسسات والخبراء الحقيقيين.

«انتشرت كيانات هلامية تطلق على نفسها أسماء رنانة، مثل الرابطة العالمية لـ(....)، وضع في هذا الفراغ ما شئت».

زادت هذه المنظمات الهلامية من التبجح في أنها بدأت تمنح شهادات وألقاباً، مثل «سفير» أو شخصية العام في التخصص الفلاني. ومن ثم يقوم الشخص الذي حصل على اللقب المبجل باستخدامه في مناسبات معينة، وقد سمعت قصصاً عن استخدام هذه الألقاب «اللوذعية» للحصول على فرص معينة وجمع تبرعات، وقد يتعامل الناس بحسن نية ويفترضون جدية هذه المنظمات وجدية أصحاب هذه الألقاب، بل إن إحدى الشركات الأجنبية كادت أن تقع ضحية عملية نصب نتيجة افتراضها صحة اللقب الذي حمله الشخص، وقدم نفسه بطريقة توحي بأن لقب سفير النوايا الحسنة الذي يحمله هو اللقب الشهير الذي تمنحه منظمة دولية مرموقة، وقد كانت نواياه غير حسنة بالمرة.

إن التخلص أو الحد من هذه الظاهرة مسؤولية مشتركة بين الجهات المختصة والأفراد والمؤسسات، فلا ضير أن يتم التحقق من صحة الادعاءات، خصوصاً مع سهولة الوصول إلى المعلومات هذه الأيام، ويمكن الاطلاع على الرخصة أو التسجيل الرسمي لتلك المنظمات للتأكد من صحة وجودها وقانونيتها، كما أنها مسؤولية الإعلام الذي عليه أن يقوم بالتوعية بهذه الأمور ونشرها وتعريف الناس بها. ويوجد مثال لسيدة لها صيت كبير جداً في المنطقة، وقد استضافتها قنوات تلفزيونية عربية شهيرة، ولكن بمجرد أن تكتب اسمها على «غوغل» ستجد صفحات كثيرة تحذر منها، وأنها موضع لكثير من علامات الاستفهام، بل قد يندرج ما تقوم به ضمن النصب، خصوصاً عندما يرتبط بجمع تبرعات لقضايا إنسانية مزعومة.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر