مزاح.. ورماح

«إيد وحدة!»

عبدالله الشويخ

«لكل نظام أمني محكم، مهما بلغت دقته، ثغرة أو نقطة ضعف».

أدهم صبري

*​*​*

قصة اليوم حقيقية، أعدكم بهذا، لقد «خرطت» عليكم بما يكفي في الفترة الماضية، في رحلة إلى إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، خرجت مع صديق لي، احتاج الأمر مني أربع ساعات من التجهيز، بنطلونان أمتلكهما منذ 10 سنوات، مجموعة بولو التايلاندية الشهيرة، حلاقة ما يمكن أن يربطني بـ«داعش» من وجهي، «البوكسر» الشهير الذي أقنعني به أحد الإعلانات الفجة، «خليك راجل».. انتهى!

صديقي استغرق منه الأمر ثلاثة أشهر وعشراً، البدء بعلاقة وهمية مع شخصية متوفاة من تلك الدولة، على أساس أنه عالم شرعي كبير هناك، ومفتي تلك الجمهورية، إدخال زوجته في تفاصيل علاقته مع تلك الشخصية بشكل يومي، الدخول إلى منزله بعد أسبوعين باكياً وهو يخبر زوجته بوفاة تلك الشخصية، ترتيب الأمر لكي يعتذر لزوجته بضرورة ذهابه إلى تلك الدولة للعزاء في تلك الشخصية.

كانت تلك هي الطريقة الوحيدة الممكنة لكي يسافر معي، وكلما أردنا الذهاب إلى إحدى المناطق السياحية أصر على أنه علينا قبلها الذهاب إلى أحد المساجد أو المقابر والتقاط صورة بجوار قبر ما، وهو يقرأ الفاتحة، لأنه يجب أن يعود بـ«دليل» لزوجته!

أضعنا الرحلة في البحث عن مسجد، ولم توجد في ذلك البلد أي مساجد، إذ إن الجاليات الإسلامية هناك تستأجر أماكن معينة للمناسبات، أو تصلي في مصليات مقامة هنا وهناك، أما المقابر فلم نعثر على شيء.

وفي اليوم الثالث وقبل الأخير تفتق ذهن صديقي العبقري عن خطة، وهي الذهاب إلى إحدى الكنائس القديمة، التي بها طراز معماري شرقي نوعاً ما، واختيار زاوية تصوير لأحد القبور، بحيث لا تظهر المعالم الدينية لصاحب القبر ولا للخلفية. قمنا باختيار الزاوية، وبدأ صديقي يقرأ الفاتحة خاشعاً ويبكي وأنا أصوّره، حتى كدت أصدق أننا قد دفنا عالماً هناك! عدنا إلى الإمارات مع الدليل، لكن فعلاً «هكذا زوج يحتاج لهكذا زوجة»، فقد قامت زوجته عند عودتنا بفحص الصورة من جميع الزوايا، و«غوغلتها»، حتى اكتشفت أن أحد الشبابيك في خلفية المسجد المزعوم بها صورة لمريم العذراء، عليها السلام، وسقط صاحبي في حيص بيص، ولم يجد تبريراً سوى: بصراحة المسلمون والمسيحيون في ذلك البلد «إيد وحدة»!

*​*​*

أضعنا الإجازة السخيفة في إجراءات تضليلية، وبحث عن قبر الولي، وتم منع صاحبي من السفر معي لـ10 أعوام، بقرار من زوجه المصون، وإلى اليوم لا أعلم ما المشكلة لو أنه أبلغ زوجته بأنه ذاهب لاكتشاف مكان جديد! يا أخي لا تسرق! ولا تخف!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .  

تويتر