كل يوم

التوفير في الميزانيات ليس معياراً للإنجاز!

سامي الريامي

كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في القمة الحكومية الثالثة، التي انعقدت في دبي، احتوت على كثير من توجهات وأفكار ورؤية حكومة وقيادة الإمارات، وتالياً فهي تشكل نبراساً ومنهاجاً لجميع المسؤولين التنفيذيين في الدولة، ومضمون الكلمة وما تحتويه من معانٍ وتوجيهات، بشكل مباشر أو غير مباشر، هو خطوط عامة إلزامية، على الجميع اتباعها والسير في فلكها، فهي لم تكن كلمة افتتاحية عادية، ولم تكن كلمة عابرة، هي خطط واستراتيجيات عمل، يتوجب على كل المسؤولين ترجمتها فعلياً، كل في موقعه ومكان مسؤوليته.

«الإنجاز يكمن في كسب رضا المتعاملين والموظفين والمواطنين، من دون التقصير في حقهم».

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، أكد بشكل واضح لا يقبل الشك والخلط، أن من الخطأ الاعتماد بشكل كلي على الأرقام، وعلى الرغم من أهميتها وضرورة وجودها إلا أنها أحياناً ليست هي الحل لكثير من القضايا، بل الحل يكمن في الحكمة، وهذا ما جربه سموه «شخصياً» في كثير من المواقف الحياتية التي صادفها، وهذا ما يستدعي أن يفكر فيه كل مسؤول تنفيذي في الدولة.

الاعتماد على الأرقام المجردة، والأرقام هنا تعني المال والميزانيات بطبيعة الحال، مشكلة حقيقية ملموسة عند كثير من المسؤولين، يراعون تقليصها، ويحرصون على عدم الصرف، ويفضِّلون الادخار من الميزانيات، ويعتقدون أن هذا هو الإنجاز!

يتفاخرون بأنهم قلَّصوا ميزانياتهم، أو أنهم وفروا مبالغ منها، ويبخلون على الموظفين والمواطنين، من أجل تحسين أرقام هيئاتهم ومؤسساتهم نهاية العام بفائض مالي، وفي نهاية الأمر فإن حجم الضرر، وعدم الرضا، والمساس بمصالح الناس واحتياجاتهم، أكبر بكثير من الملايين التي وفروها، في الوقت الذي لم يطلب منهم قادتهم، ولم تطلب منهم الحكومة، توفير الدراهم على حساب التقصير في توفير احتياجات الناس وتلبية متطلباتهم!

الإنجاز يكمن في كسب رضا المتعاملين والموظفين والمواطنين، من دون التقصير في حقهم، والإنجاز هو تحقيق رؤية القيادة الرشيدة في تحقيق السعادة والرفاه للمواطنين وأبنائهم، والإنجاز هو الاجتهاد في ضمان مستقبل أفضل للمواطنين وأبنائهم من خلال تعديل منظومة القوانين لمصلحتهم، والإنجاز يكمن في مراعاة الأمور الإنسانية، وتجاوز القوانين الجامدة، وكسرها في بعض الحالات التي تستحق، فهذه هي الحكمة التي تتفوق في مثل هذه الحالات على الأرقام المجردة!

أما العمل بجد من أجل توفير الدراهم على حساب فئات مستضعفة محدودة ومتوسطة الدخل، أو من خلال إلغاء مزايا وفوائد قانونية يحصل عليها مواطنون، من خلال تعديلات وتغييرات في تلك القوانين المفيدة لهم، أو تقليص الميزانيات المخصصة أصلاً من الحكومة لمصلحة المواطنين وتحسين ظروف معيشتهم، فهذا العمل لا يمكن أبداً اعتباره بطولة، ولا أعتقد أنه يمت إلى الحكمة بأي صلة، ولن نخفي سراً إن قلنا للمسؤولين الذين يودون تقليص الميزانيات من أجل التفاخر بعدم الصرف والتوفير في أموال الدولة، لديكم أوجه صرف كثيرة تستطيعون التوفير فيها، وابدأوها بمزاياكم و«البونص» السنوي الذي تحصلون عليه، فالتوفير هنا أكبر بكثر من مزايا بسيطة يحصل عليها الموظف البسيط! وفي نهاية الأمر، يجب أن نذكركم دوماً بمواقف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي لم يبخل يوماً على مواطني الإمارات بأي شيء، أنفق المليارات، ولايزال ينفقها، من أجل راحتهم وسعادتهم، وكذلك هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي لم يسمع منه أي مسؤول كلمة «لا» عند عرض أي مشروع اجتماعي يهم المواطنين، مهما كانت كلفته، وكذلك هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، قالها صراحة في القمة، ومارسها فعلاً قبل القمة بسنوات طويلة، فمنهجهم دائماً المواطن أولاً وثانياً وثالثاً.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر