كل يوم

دبلوماسية التعامل مع الخير والشر!

سامي الريامي

تشهد الإمارات منذ فترة ليست بقليلة نشاطاً دبلوماسياً غير عادي، رؤساء دول يتوافدون إلى أرض الدولة ويغادرونها، يمثلون مختلف قارات العالم، منهم رؤساء دول عظمى، ودول صناعية، ودول أخرى متقدمة أو في طريق التقدم، ورؤساء حكومات يبحثون ويناقشون مختلف قضايا العالم في أبوظبي ودبي، بشكل متواتر، وصل في فترة من الفترات إلى معدل زيارة كل ثلاثة أيام.

هذا النشاط، وهذا الاهتمام بالإمارات، يعكس دورها السياسي العالمي والإقليمي المحوري، ويعكس مدى قناعة العالم بمواقف الدولة، وسلامة قراراتها الخارجية، التي تترجم بشكل مستمر روح المودة والسلام وحب الخير للجميع، الذي تتبعه الإمارات في سياساتها مع الدول الشقيقة والصديقة.

لا يمكن أن تعزل دولة نفسها عن العالم، خصوصاً إن كانت بمستوى وحجم الإمارات المؤثر.

الإمارات دولة صغيرة في مساحتها وعدد سكانها، هذه حقيقة لا خلاف عليها، لكنها دولة محورية مهمة، مؤثرة في الشرق والغرب، وهذه حقيقة أخرى، ومع ذلك، فهي لا تسعى لأن تأخذ أدواراً أو حجماً يفوق قدراتها وإمكاناتها، قادتها يدركون ذلك، لكنهم أيضاً يدركون أن نشرالمودة والسلام والاحترام قد يتطلب أحياناً بعض الشدة، هذه هي السياسة، وهذا هو الواقع.

لا يمكن أن تعزل دولة نفسها عن العالم، خصوصاً إن كانت بمستوى وحجم الإمارات المؤثر، ولا يمكن أن تعتقد دولة في العالم أنها بمنأى عما يحدث في الشرق أو الغرب من مشكلات، فالتجربة العملية أثبتت أن الشرق بمشكلاته وقلاقله أصبح في منتصف العالم الغربي، والغرب بكل نفوذه وتأثيره ومشكلاته أيضاً السياسية أو الاقتصاديه في منتصف الشرق، الكل يتأثر بالكل، والأخطار الرئيسة تواجه العالم أجمع، وعلى العالم أجمع أن يواجهها.

لم تختر الإمارات الدخول في أي توترات إقليمية أو عالمية، وحافظت منذ قيامها على سياسة خارجية حيادية، تطلب السلم والأمن الدوليين، لكن اليوم ليس كالأمس، والدخول في قلب الأحداث هو أمر واقع، اضطرت الدولة لأن تقول كلمة فاصلة فيه، حماية لمكتسباتها ومقدراتها، فلا يعقل أبداً أن تقف مكتوف الأيدي، وأنت ترى ناراً تشتعل في المنطقة، وقد تصبح يوماً ضحيتها!

وبما أن الإرهاب هو العدو اللدود لجميع دول العالم، فلا غرابة أبداً أن تتشاور الدولة وتنسق مع جيرانها وأشقائها وأصدقائها لمكافحته، فخطره مقلق، وجميعنا في مرمى الجماعات الإرهابية، فهم لا يرقبون في أحد إلّا ولا ذمة، وينظرون لنا تماماً كما ينظرون إلى غيرنا، كفرة نستحق القتل، فهل نعطيهم الفرصة لذلك؟!

الإمارات ستستمر في سياساتها الخارجية الحكيمة، الداعمة للسلم والاستقرار والأمن في العالم أجمع، وستستمر في مدّ جسور المودة والمحبة مع الجميع، وستستمر في دعم ومساندة ومساعدة كل من يستحق المساعدة، ستنشر الحب بصدق، لكنها في الوقت ذاته لابد لها من أنياب تمزق من يفكر في تهديد أمنها وسلامتها واستقرارها، إنه حقها المشروع الذي لا يمكن أن يلومها عليه أحد، فلسنا في عالم مثالي مملوء بالفضيلة، بل هو عالم متقلب، فيه الخير، وفيه الشر، وليس من الحكمة أبداً مواجهة الاثنين والتعامل معهما بالدبلوماسية والسياسة نفسيهما!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر