كل يوم

الوقت حان لـ «تفرّغ» أعضاء «الوطني»..

سامي الريامي

مع فائق التقدير والاحترام لأعضاء المجلس الوطني، ومع الأخذ في الاعتبار أن أغلبهم صوّت لمصلحة التعديلات التي أجرتها وزارة البيئة، لفرض الرقابة والتنظيم على عمل «الكسارات»، لما فيه مصلحة وصحة المواطنين والبيئة، وبعيداً عن تعميم الأمر على الجميع، فإن ما حدث في جلسة المجلس الوطني الاتحادي الثامنة، الثلاثاء الماضي، سابقة خطيرة، بل هي في معايير المفاهيم الحديثة تعد أقرب إلى الفضيحة، حيث بدا واضحاً تأثير المصالح الشخصية في المصلحة الوطنية، عند عدد من أعضاء المجلس، وبدا واضحاً وجود «تعارض مصالح» لدى الذين وجدوا أنفسهم في صراع بين الدفاع عن مصلحة المواطنين، ومصالح جهات وشركات يعملون فيها، ففضلوا الدفاع عن الأخيرة وتجاهل الشعب، الذي يفترض أنهم ممثلون له في المجلس الوطني!

«الوقت حان لتقييد وصول الأعضاء إلى كرسي المجلس، حال جمعهم العضوية مع أي وظيفة اتحادية أو محلية، أو حتى في القطاع الخاص».

وفقاً للدستور، فإن المجلس الوطني الاتحادي يمارس الرقابة السياسية من خلال أدوات محددة، وهي طرح موضوعات عامة للمناقشة، ورفع التوصيات بشأنها للحكومة، وتوجيه أسئلة لرئيس الوزراء أو للوزراء، كل في اختصاصه، والفصل في الشكاوى المقدمة من المواطنين ضد جهات حكـومية اتحادية، ولكن من الذي يمتلك حق مراقبة أعضاء المجلس الوطني أنفسهم، لضمان عدم حيادهم عن هذه المهام، وضمان عدم تغليب أي مصلحة أخرى على مصلحة المواطنين، وضمان عدم استغلال هذه الصلاحيات لغير الأهداف المرجوة من وجودها في الدستور؟ هذه وغيرها أسئلة بحاجة إلى إجابة عقب جلسة الثلاثاء الماضي!

يجب ألا يترك الأمر هكذا، فعدد من الأعضاء، الذين عارضوا التعديلات التي وضعتها وزارة البيئة للرقابة والسيطرة والحد من أضرار مشكلة «الكسارات والمقالع والإسمنت»، التي تعد واحدة من القضايا البيئية الصعبة، وتضر بشكل مباشر أعداداً كبيرة من المواطنين في مناطق مختلفة، هم أنفسهم أعضاء في مجالس إدارات شركات إسمنت، فعارضوا القرارات، وحاولوا بكل جهدهم تعطيل التعديلات، وتناسوا بشكل غريب أنهم أعضاء مجلس وطني جاءوا من تلك المناطق المتضررة نفسها، وتجاهلوا كونهم «منتخبين» من مواطنين، بعضهم من تلك المناطق نفسها، وحصلوا على أصوات لحل مشكلات الناس مع هذه الكسارات، فكانت النتيجة أنهم عارضوا التعديلات التي تهدف إلى تنظيم عمل الكسارات، وتأخذ في الاعتبار مصلحة وصحة المواطنين.. أليس ذلك أمراً يصعب تصديقه؟!

ما حدث يدحض بشكل قاطع تلك الاتهامات التي يروّجها كثيرون عن تعمد الحكومة السيطرة على المجلس الوطني وتقييد صلاحياته، بل إن الواقعة تثبت العكس تماماً، فأعضاء المجلس الوطني المعارضون للتعديلات هم من سعوا إلى تقييد الحكومة، وحاولوا منعها من اتخاذ إجراءات لمصلحة فرض التنظيم وتقييد العشوائية والفوضى في قطاع بيئي في غاية الأهمية، وذلك بعد أن أجرت الحكومة هذه التعديلات، بناء على شكاوى وملاحظات كثيرة من مواطنين ومتضررين، واستجابة أيضاً لمطالبات سابقة للمجلس الوطني، أليس من الغريب أن تنقلب الآية فجأة ومن دون مقدمات؟!

وزير البيئة، راشد بن فهد، أشار بإصبعه، في الجلسة، إلى الأعضاء المعارضين للتعديلات السابقة، وقال: «لا أعرف ماذا أقول للناس والإعلام عقب الاجتماع، فأعضاء المجلس يعارضون تعديلات تسهم في التخفيف من معاناة كثير من المتضررين جراء التلوث، إنها مسؤولية وطنية، والصحة العامة والبيئة يجب أن تؤخذا في الاعتبار أكثر من المكاسب المالية».. وأعتقد أنه صدق!

هذا الجدل، وهذه النوعية من النقاشات التي أثبتت ما لا يدع مجالاً للشك، وجود «تعارض مصالح» لدى بعض أعضاء المجلس الوطني، ويؤكدان أن الوقت قد حان لتقييد وصول الأعضاء إلى كرسي المجلس، حال جمعهم العضوية مع أي وظيفة اتحادية أو محلية أو حتى في القطاع الخاص، ومن لا يستطيع التفرغ للمجلس فليتفرغ لأعماله الخاصة ووظيفته، ويترك المجلس للأجدر، الذي لا يملك مصلحة أخرى قد تؤثر في توجهاته وأطروحاته وعمله في المجلس الوطني!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر