5 دقائق

التعلم رأساً على عقب

الدكتور علاء جراد

يعتبر موضوع التعلم والتعليم من أهم الموضوعات التي تؤثر في حياة الأفراد والأمم، ولم ولن تتقدم أي أمة دون أن تطور نظامها التعليمي، ليتحول إلى نظام «تعلم» وليس نظام تدريس فقط. الملاحظ أن نظمنا التعليمية في العالم العربي لاتزال «محلك سر»، ولم يحدث بها أي تقدم حقيقي، ولم نر قصص نجاح مثل التي نراها في دول مثل فنلندا وماليزيا، يمكننا تحقيق الكثير، لأن لدينا الإمكانات البشرية والمالية، ويبقى وضع السياسات والاستراتيجيات اللازمة والآليات التي تكفل تحقيقها، كما نحتاج إلى آليات للاطلاع على كل ما هو جديد، وانتقاء ما يناسب، أو تعديله بما يتناسب مع ثقافتنا وقيمنا.

«يمكن أن نسميه (التعلم المقلوب)، وهو نقل مهام التعلم من المدرسة إلى المنزل ونقل الواجبات المنزلية من المنزل إلى المدرسة».

من الممارسات الحديثة في التعلم أسلوب يسمى Flipped Learning أو «التعلم رأساً على عقب»، ويمكن أن نسميه «التعلم المقلوب»، وهو نقل مهام التعلم من المدرسة إلى المنزل، ونقل الواجبات المنزلية من المنزل إلى المدرسة، حيث يقوم المعلم بإعطاء الواجبات للطلاب، كأن يطلب منهم معرفة كيف يتغذى النبات، فيقوم الطالب بالمطالعة بطريقته الخاصة، وباستخدام الوسائل المختلفة لجمع المعلومات، ثم يناقش كل طالب تعلمه الفردي داخل الصف، ويأتي دور المعلم كموجه وميسر Facilitator لتصحيح المفاهيم وتحقيق مخرجات التعلم، وليس لتلقينهم الدرس، وهو أسلوب تربوي ينتقل فيه محور التعلم من الصف التقليدي والتعلم الجمعي إلى التعلم الفردي، مع دمج مخرجات التعلم الفردي في إطار المجموعة بطريقة شيقة ومبتكرة، يلعب فيها المعلم دور المايسترو، وتكون لديه مساحة من الحرية لتطبيق أساليب مختلفة.

المشكلة أن نظام التعليم في بلداننا هو الذي يحتاج إلى أن يتم قلبه رأساً على عقب، ليشمل التطبيقات الحديثة، والاستثمار في المعلمين، لأن هذه هي إحدى العقبات، فحال معلمينا لا يسر عدواً ولا حبيباً، فهم لا يحضرون دورات تدريبية حقيقية بعد التخرج، ومعظم المدارس والجامعات الخاصة ما هي إلا «شركات» ربحية بحتة، لا تهتم ولا تستثمر في مواردها البشرية، وتعتبر التدريب رفاهية لا داعي لها، حتى المدارس والجامعات الحكومية لا تضع التدريب على أولوية أجندتها، ويتم بصورة تقليدية، ولا تقاس فاعليته، كما يوجد بعض المعلمين الذين يحتاجون إلى تأهيل نفسي وليس مجرد تدريب عادي.

إن موضوع التعلم والتعليم ليس ترفاً، وكما قال ديمنج، مؤسس نظرية الجودة «التعلم ليس إجبارياً، والبقاء أيضاً ليس إجبارياً»، فكما أنه لن يرغمنا أحد على الحفاظ على بقائنا، فلن يرغمنا أحد على التعلم، ما لم نختر ذلك ونأخذ الموضوع بجدية. لاتزال هناك فرصة لنكون شيئاً مذكوراً، ونحل كوارثنا ومشكلاتنا بالتعلم والقيم، فليس هناك سبيل آخر.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر