كل يوم

أين حساب التضخم من معاشات التقاعد..

سامي الريامي

هناك نسبة تضخم طبيعية تقضي على الأموال، هذه من الأمور البدهية التي تعلمناها في مراحل دراسية مبكرة، حين كان الأستاذ يقول: «لو وضعت 100 درهم في جيبك مدة سنة، فإن ما ستشتريه بعد هذا العام لن يساوي قيمة الـ100 درهم، في الوقت الذي وضعتها فيه في جيبك، هذا هو فعل التضخم في الاقتصاد». وحجم فقدان قيمة المال يختلف من عام لعام، وفقاً لظروف ومعطيات كثيرة، وهذا ما جعل كثيراً من دول العالم يتخذ إجراءات اقتصادية مختلفة، لتقليل نسب التضخم السنوية.

وفي الإمارات، هناك جهات رسمية تقيس معدل التضخم بصورة سنوية، وبناء على هذا المؤشر يتم السماح برفع معدلات الأسعار في قطاعات مختلفة بنسبة معينة، وبالتأكيد هذه الارتفاعات لها تأثيراتها في الموظفين، وفي الرواتب، وفي الجميع، ولاشك إطلاقاً في أنها تؤثر سلباً في كل الشرائح، وبشكل طبيعي فإن فئة المتقاعدين هي من الفئات الأكثر تضرراً بارتفاعات الأسعار، وهي الأكثر تضرراً من التضخم.

لا يُعقل أبداً أن يُترك المتقاعد على معاش ثابت من دون تغيير لفترة 15 عاماً، أو 10 أعوام، من دون مراعاة نسب التضخم السنوية، وارتفاعات الأسعار المستمرة.

نقدّر ونثمّن الخطوة التي اتخذت قبل سنوات، بوضع حد أدنى لرواتب المتقاعدين، لا تقل عن 10 آلاف درهم، لكنها عملياً، ومع وجود معدلات تضخم سنوية، ليست كافية لتدبير أمور شخص واحد، فما بالكم بأسرة، لذلك وانطلاقاً من هذه المشكلة تحديداً، فإن كثيراً من صناديق التقاعد في كثير من الدول، وضع زيادات سنوية للمتقاعدين، وفقاً لمؤشر التضخم، قد تكون بسيطة أحياناً، وقد لا يكون لها وجود في حالة عدم تسجيل معدل تضخم ملحوظ، لكنها موجودة ومتغيرة، تمنع جمود المعاش التقاعدي، وتساعد على مواجهة المتقاعد ضغط التضخم السنوي، وتعطيه هامشاً للتكيف مع ضغوط خارجة عن إرادته، تزيد أعباءه، وترهق كاهله.

مخطئ من يعتقد أن بإمكان المواطن المتقاعد أن يعيش بشكل مريح اعتماداً على المعاش التقاعدي فقط، في ظل تكاليف المعيشة الحالية، لكنه في كثير من الدول الأوروبية يستطيع فعل ذلك، بل إن التقاعد هناك هو بالفعل فترة للراحة، عكس معنى وفكرة التقاعد هنا، حيث يكون بداية حياة صعبة ومعقدة، بالطبع ندرك تماماً أن هناك فرقاً بين الموظف الفعلي والمتقاعد، ولن ندعي أن الحل يكمن في مساواة الرواتب بينهما، لكن من الضروري عدم نسيان هذه الفئة، وعدم إهمال التفكير في إيجاد حلول عملية تساعد المتقاعدين على مواجهة غلاء المعيشة، هذا ما لا نراه موجوداً بشكل واضح في خطط وبرامج هيئة المعاشات!

لا يعقل أبداً أن يترك المتقاعد على معاش ثابت من دون تغيير لفترة 15 عاماً، أو 10 أعوام، من دون مراعاة نسب التضخم السنوية، وارتفاعات الأسعار المستمرة، ولا يعقل أبداً أن تلغى عن المتقاعدين ميزة التأمين الصحي، الذين هم في أمسّ الحاجة إليها في هذا العمر، ولا يعقل ألا توجد إلى الآن برامج لميزات وخصومات وأسعار محفزة للمتقاعدين في الجهات الحكومية والخاصة، على الرغم من وجود قرارات سابقة في هذا الشأن صادرة عن مجلس الوزراء!

ربما هذا هو الفرق الحقيقي بين المتقاعدين هنا، ومتقاعدي أوروبا الذين يجدون تسهيلات كبيرة جداً عند دفع أي فاتورة، سواء كانت لجهة عامة أو خاصة، هناك دائماً أسعار تفضيلية لهم، وفي الأغلب هناك خدمات مجانية تمنح لهم من القطاع الخاص قبل العام، تساعدهم بشكل كبير على عيش حياة هانئة!

يجب ألا ننسى أبداً أن المتقاعد هنا، هو في النهاية مواطن إماراتي، وهذا يعني أن الالتزامات التي يحملها على كاهله هي الالتزامات ذاتها التي يحملها أي مواطن آخر، والضروريات الأساسية هي ذاتها التي يحتاج إليها كل مواطن، مع الفرق أنه يعيش تحت ضغوط هذه الالتزامات بربع راتب الموظف الحالي تقريباً، في حين أن صاحب السوبرماركت أو بائع الأسماك، أو فاتورة الكهرباء والماء، أو الهاتف، أو أجرة النقل، وسعر البنزين، لا تفرق بينه وبين غيره، فكلهم سواسية في شريحة المواطنين!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر