كل يوم

انخفاض النفط والبحث عن بدائل للدخل

سامي الريامي

استشراف المستقبل هو النهج الذي تسير عليه الإمارات بشكل دائم، ومن أجل ذلك فإن خططها الاستراتيجية التي تسير عليها هي ركيزة من ركائز التطور، فما يحدث هنا من تنمية وتطوير ليس وليد المصادفة، ولا يسير بعشوائية.

وفي هذا الإطار انعقد، أمس، المنتدى الاستراتيجي العربي في مدينة دبي، لاستشراف مستقبل العالم بشكل عام، خلال العام المقبل 2015، وانعكاسات التحولات المتوقعة على العالم العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص.

«من المبكر الحديث عن ضرائب على الدخل أو المشتريات على الأفراد في الإمارات، لكن ما المانع في بدء التفكير بفرض ضرائب على الشركات الكبيرة؟».

تشكيلة فكرية متميزة، وعقول سياسية واقتصادية متخصصة، أسهمت بفاعلية في المنتدى الذي كان جلسات مركزة، بدأت صباحاً لتنتهي في ظهر اليوم نفسه، ما أعطى المنتدى الاستراتيجي العربي أهمية مضاعفة في تسليط الضوء على أكثر القضايا العالمية إلحاحاً وأهمية، من دون إسهاب وتشعيب ودخول في تفاصيل لا حاجة لنا بها.

ما لفت نظري في جلسات المنتدى، الحديث عن انخفاض أسعار النفط، وتأثيرات ذلك في اقتصاديات دول كثيرة، وسط توقعات بحدوث صعوبات اقتصادية في مختلف دول العالم، في مقدمتها الدول الأوروبية، والدول المصدرة للنفط، وطالب الخبراء الدول الأخيرة بالسعي إلى خفض ميزانياتها، وإلغاء البنود التكميلية وغير الضرورية، فضلاً عن البحث عن بدائل للدخل، بدلاً من الاعتماد على النفط مصدراً رئيساً ووحيداً للدخل.

هؤلاء الخبراء وضعوا الضرائب مصدراً مهماً يجب على دول المنطقة التفكير فيه خلال المرحلة المقبلة، لتحقيق عوائد تساعد الحكومات على سد، ولو جزئياً، العجز المتوقع من انخفاض أسعار النفط الذي بدأ هذا العام، ومن المتوقع أن يستمر في الانخفاض العام المقبل.

بالتأكيد عندما يتحدث خبراء اقتصاد، بحجم دكتور هنري عزام، فإن كلامهم لا يخلو من الصحة، لكن إذا أردنا التحدث عن الإمارات، فإن هناك عوامل أخرى تتدخل في هذا الأمر، منها عوامل اجتماعية قبل الاقتصادية، وحكومة الإمارات حكومة تبحث في المقام الأول عن رخاء ورفاه وسعادة الشعب، لذا فمن الصعوبة بمكان التوفيق بين السعادة وفرض ضرائب، مع أن الضرائب ليست بدعة، بل هي وسيلة من وسائل استمرارية تقديم الخدمات المميزة، بتميز أفضل.

ومع ذلك، فمن المبكر الحديث عن ضرائب على الدخل أو المشتريات على الأفراد في الإمارات، لكن ما المانع في بدء التفكير بفرض ضرائب على الشركات الكبيرة، العابرة للقارات، التي تحقق أرباحاً في الدولة تقدر بمليارات الدراهم، في حين أن مساهمتها في المجتمع معدومة للغاية، بل هي «صفر صحيح» في معظم الحالات!

ما تقدمه الإمارات إلى تلك الشركات من تسهيلات ودعم، وخدمات فائقة، ومكلفة في الوقت نفسه، لا نظير له في أي مكان آخر في العالم، وفي حين أن تلك الشركات تجبر على دفع ضرائب بأشكال مختلفة، وتسهم مجتمعياً بمشروعات مختلفة في كثير من دول العالم، فإنها في الإمارات لا تقدم شيئاً يذكر، لا إلى الحكومة ولا إلى المجتمع، وتكسب سنوياً هنا ما لا تكسبه في أماكن أخرى!

أعتقد أن الوقت قد حان لدراسة الأمر بجدية، فالخدمات الراقية المقدمة إلى الشركات هنا يجب ألا تستمر بالصيغة المجانية نفسها سنوات أخرى، وفرض الضرائب على الشركات ليس اختراعنا، بل هو اختراع غربي، فَلِمَ نستثنيها من ذلك، في حين أنها تدفع مبالغ تصل إلى 30% من دخلها في الدول الأوروبية وغيرها؟

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر