مزاح.. ورماح

«اظطرينا نطخه..!»

عبدالله الشويخ

هل تمرّ بحالات نرجسية مؤقتة مثلي؟ تكون جالساً القرفصاء في حوش المنزل ووزارك يهفهف مع الهواء.. وفجأة يأتيك إلهام عبارة معينة فتحس بأنها يجب أن تصنف مع العبارات العشر التي غيرت وجه التاريخ.. تكتبها في تغريدة وتضع اسمك أسفلها؟! ترسلها لجميع الموجودين في هاتفك مع عبارة «بقلمي».. تكتبها على لوحة مدرسية سخيفة وتضعها فوق دوشقك؟! اليوم جاءني هذا الشعور أثناء تفكيري في عبارة: «الدائرة الحكومية الناجحة ليست الدائرة التي توفر خدمة VIP لعملائها.. بل هي الدائرة التي يكون فيها جميع العملاء VIP».. ما رأيكم؟! آخ بس لو يدري عني الشقيري؟!

وبمناسبة الحديث عن أداء الدوائر الحكومية.. هناك معركة إدارية حقيقية، فبينما يريد المسؤولون في قمة الهرم التسهيل والتيسير علينا ــ يسر الله عليهم في الدنيا والآخرة ــ هناك طرف آخر يمكننا تسميتهم بـ«الأصنام»، يتفننون في زيادة الأمور تعقيداً.. «المعازيب» قاموا بآلاف الإجراءات لجعل الدولة نموذجاً في الخدمات السهلة والبنى التحتية القوية.. ثم لم يكتفوا بذلك فقاموا بتسهيل الأمور لإنهائها من المنزل عبر الحكومة الإلكترونية.. ثم زادوها تسهيلاً فشجعوا الحكومة الذكية كي لا «تقوم من مقامك» لأداء المعاملة.. وأخيراً مسابقات «طائرة بدون طيار» لكي تصل إليك المعاملة «دانية».. هم بطريقة معينة يريدون أن يعاملوك معاملة الملوك! بينما «الأصنام» يتفنون في إجراءات طلب ورقة إضافيه كل عام.. ويزيدون في صعوبة الحصول على تلك الورقة.. ثم التفنن في جعل الحصول على الورقة يتطلب ورقة أخرى.. عدة تواقيع.. ابصم.. وقع.. الحس.. لصق الطابع!

ضيفنا في هذا العمود شركة «ضمان».. رحبوا بها معي.. تخيل أنك مقيم في الدولة ومعك أبوك أو أباك أو أبيك الذي جاوز الثمانين وقدماه «مدندلة في القبر» كما يقول التعبير المحلي المرهف الحس.. وهو يعاني مما يعاني منه.. وتريد استخراج إقامة له، والأمر ميسر عبر الجهات المعنية.. إلا أنك يجب أن تستخرج له بطاقة «ضمان» لإتمام المعاملة، وهذا إجراء منطقي.. إلا أنه لاستخراج البطاقة.. تطلب منك «ضمان» أن تثبت أنك المعيل الوحيد له.. لماذا؟ لا أعلم. ما هي علاقة الضمان الصحي بهذا؟ لا أعلم.

دقيقة واحدة، جاءني إلهام إداري آخر.. خذ هذه العبارة لديك: «عزيزي مسؤول خدمة العملاء.. ابتسامتك ولغتك الحلوة لا تهمني طالما أن الهدف منها هو زحلقتي وليس خدمتي».. بالعربي ضعها في «سدة سيارتك»!

نستأنف حكاية «ضمان»، لاستخراج بطاقة المعيل يجب أن تحضر ورقة من المحكمة.. وهذا لا يكفي! يجب أن تكون المحكمة في إمارة إجراء المعاملة.. وهذا لا يكفي.. يجب أن تذهب وتضرب خط إلى مصفح الصناعية.. لأنه الفرع الوحيد الذي يقوم بالمعاملة.. وهذا لا يكفي.. يجب أن تأتي بنفسك.. يعني باختصار خذ إجازة لمدة أسبوع ومرحباً بك في مصفح الصناعية.. إذا كان أبوك مشلولاً أو معاقاً أو بلغ من الكبر عتياً.. فهذه مشكلتك الشخصية.. التقرير الطبي غير مقبول.. إلا إذا كان مزاج شركة «ضمان» مضموناً!

هل سمعتم بالنكتة الأردنية التي قال الرجل في نهايتها «اظطرينا نطخه»؟ والظاء هنا للأردَنة!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر