كل يوم

التنظيم والتشريع لحل مشكلات الازدحام..

سامي الريامي

الجهود التي تبذلها دبي في مجال تطوير البنية التحتية، وإنشاء الطرق والجسور لمواكبة نمو المدينة، ومواجهة مشكلة الازدحامات، لا يمكن إنكارها أبداً، ويكفي أن نعرف أن حكومة دبي أنفقت، منذ إنشاء هيئة الطرق والمواصلات العامة إلى يومنا هذا، 80 مليار درهم لتطوير البنية التحتية، وتبلغ الكلفة التشغيلية السنوية لشبكة الطرق والمواصلات نحو 20 مليار درهم، وهي مازالت مستمرة في مشروعات التطوير، وتفتتح بشكل مستمر طرقاً وجسوراً وأنفاقاً جديدة، وتضم إلى خدمة المواصلات بشكل دائم أنواعاً ووسائل جديدة، للتسهيل على المواطنين والمقيمين والزوار.

صرف المليارات على الشوارع والجسور، وإدخال أنظمة وشبكات مواصلات جديدة، لن يحلا مشكلة الازدحام جذرياً، مادامت نسبة امتلاك السيارات في دبي تصل إلى 2.3 لكل أسرة.

شغّلت أول مترو في المنطقة، وأنشأت أسطولاً من حافلات المواصلات العامة، وطورت النقل البحري، وهي الآن بصدد تشغيل الترام، ونجحت في استيعاب أعداد كبيرة من البشر في هذه الوسائل، فالمترو، على سبيل المثال، بدأ بنقل 50 ألف راكب في اليوم، وهو الآن ينقل 500 ألف راكب، والأرقام تتضاعف وتتزايد حتماً إن أضفنا بقية أنواع وسائل النقل الجماعي.

ومع ذلك، فكل هذه الجهود هي مجرد أسلوب واحد لحل مشكلة الازدحامات، وربما تكون أيضاً حلولاً مؤقتة، لأن الازدحام مرتبط بشكل مباشر بعدد البشر وعدد السيارات، ومع الزيادة المذهلة في هذين العنصرين، فإن الازدحامات ستظل قائمة، ما لم تواكب هذه الحلول العملية على الأرض، حلول أخرى تنظيمية وتشريعية تبدأ من المكاتب!

عندما بدأت هيئة الطرق والمواصلات عملها في دبي، كانت هناك 300 ألف سيارة مسجلة في المدينة تقريباً، ونحن الآن نتحدث عن أكثر من مليون و200 ألف مركبة مسجلة في دبي وحدها، هذا بخلاف بقية السيارات القادمة من الإمارات الأخرى والدول المحيطة، وهذا يعني أن أي توسعة، أو تطوير، في البنية التحتية، لن تدوم نتيجتهما الإيجابية طويلاً، وهي معرضة للعودة إلى نقطة الصفر مع استمرار زيادة عدد السيارات والبشر!

توسعة الطرق، وصرف المليارات على الشوارع والجسور، وإدخال أنظمة وشبكات مواصلات جديدة، لن تحل المشكلة جذرياً، مادامت نسبة امتلاك السيارات في دبي تصل إلى 2.3 لكل أسرة، وهي من أعلى المعدلات العالمية على الإطلاق، ولن نشعر بسهولة في التنقل على الطرق مادام الجميع يخرج ويعود في ساعة معينة، وفي طرق معينة، وباتجاه واحد، نحو هدف واحد، و«الجميع» هنا لا يقل عدد السيارات التي تنقلهم عن مليون سيارة!

هيئة الطرق والمواصلات نجحت وبامتياز في مشروعات الطرق وكفاءتها ونوعيتها وجودتها، ولكن هذا لا يكفي، والمدينة الآن بحاجة إلى حلول غير تقليدية، تحتاج إلى تنظيم وتشريع يقللان عدد السيارات في الشوارع، ويدفعان الناس نحو المواصلات العامة المتطورة جداً، وهذا حل لن يكون مجدياً على نطاق مدينة دبي، بل هو أمر خاص بالدولة الاتحادية، وتنظيمه يجب أن يكون على مستوى الدولة، لأن أضراره ستتجاوز دبي، وتشمل بقية الإمارات من دون شك!

ليس هذا فحسب، بل نحتاج إلى التفكير خارج الصندوق في تنظيم خروج الناس من بيوتهم، وتغيير المواعيد لفك الارتباط بين موعد بدء المدارس ومواعيد العمل، إضافة إلى نشر ثقافة الدوام المرن، ومحاولة التحكم في الحركة المرورية من خلال هذا التنظيم، الذي لن يضر أحداً بقدر ما سيؤدي إلى انفراج كبير في حركة السيارات، وإذا لم نفكر بشكل كامل وشامل في كل ذلك، فإن مشكلة الازدحامات ستظل بل ستتزايد باستمرار!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر