مزاح.. ورماح

«كولونيا..»

أحمد حسن الزعبي

أثناء انشغاله بالاستغفار والتسبيح الذي أعقب به صلاة العصر جماعة، تناول الإمام كرسياً مزخرفاً وثبت الميكروفون على ياقة ثوبه، وبدأ بدرس الأسبوع الديني الذي واظب على إعطائه كل يوم اثنين منذ تعيينه في المسجد.. تقارب المصلون في ما بينهم، تحلّقوا حول الشيخ منصتين محسني الاستماع.. زحف الرجل على ركبتيه وانضم إلى جموع المستمعين.. كان موضوع الدرس عن علاقة الهدية بالحب.. رابطاً هذه العلاقة بالحديث النبوي الشريف «تهادوا.. تحابوا». ثم شدد على أهمية الهدية في حياة الزوجين.. وكم تترك هذه الهدية من أثر بالغ في حياة الآخر.. مؤكداً أن الهدية في معناها لا في قيمتها.. ثم تحدّى الداعية جموع المصلين قائلاً: أتحداكم لو أن كل واحد فينا أهدى زوجه أو زوجه أهداه لانعدمت المشكلات الزوجية، ولانخفضت نسبة الطلاق إلى الصفر.

تأثر صاحبنا بكلام الشيخ، واقتنع تماماً نظراً لما يتمتع به الداعية من أسلوب راقٍ ورائع يجذب الانتباه ويسلب الألباب.. وما إن انفضّ الدرس الأسبوعي حتى سارع الرجل إلى رفوف الخشب، تناول حذاءه، لبسه على عجل وخرج من بوابة المسجد مسرعاً نحو السوق، مشى باتجاه أرقى محلات العطور ثم وقف أمام أحد أهم الأسماء في عالم العطور.. استقبله البائع بابتسامة رقيقة وانحنى أمامه.. اقترب منه وقال: أعطني أرقى وأغلى وأفضل عطر نسائي لديك.. ابتسم الشاب «تكرم عينك»، اختار له من «الفترينة» ثلاثة أصناف ووضعها.. هذا أجمل ما لدي! قال صاحبنا: أيها الأكثر شهرة؟ قال الشاب: «كوكو شانيل» رائع ومشهور جداً.. كم سعر العبوة 100 مل؟ 150 دولاراً فقط.. تمام، لفّها على شكل هدية.

** دخل البيت يحمل كيس الهدايا المميز.. اقترب من زوجته بكل ود وحنان.. طالباً منها أن تفتح الهدية بنفسها.. ابتسمت.. تناولتها، نزعت الغلاف عنها بسرعة ثم قالت متفاجئة: «كولونياااااااااااااا».

** في هذه اللحظات يجري صاحبنا معاملة الطلاق في المحكمة الشرعية.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر