كل يوم

هل ستنخفض الأسعار بعد 6 أشهر؟!

سامي الريامي

سألت رجل أعمال مهماً، وهو بالمناسبة عقلية اقتصادية ومصرفية وتجارية فذة، وأحترم كثيراً آراءه وخبراته، سواء اتفقت معه أو اختلفت: «كيف تبرر لي ارتفاع أسعار المنتجات الأوروبية محلياً، خصوصاً السيارات، في الوقت الذي ينخفض فيه اليورو عند مستويات قياسية مقارنة بالسنوات الماضية؟!»، فأجاب: «هذا أمر طبيعي، لأن تعاقدات التجار والوكالات مع الشركات الخارجية لا تكون بين يوم وليلة، وما تراه من منتجات موجودة في السوق المحلية اليوم، هو نتيجة لتعاقدات سابقة بنحو ستة أشهر أو أكثر، وهذا يعني أن سعر شراء تلك المنتجات لم يكن بسعر اليورو الحالي، إنما بسعره المرتفع في تلك الفترة».

التجربة علمتنا أن أسعار السيارات لا تنخفض هنا أبداً، مهما حدث من متغيرات عالمية، ولعل سنوات الأزمة المالية خير دليل على ذلك!

لا يخلو هذا التبرير من الصحة، هذا إذا كنا نثق بالوكالات التجارية والتجار، ونعتقد بأنهم يحققون هامش ربح معقولاً من تجارتهم، لكن بالتأكيد فإن تبريره لا يروق لنا كثيراً، لاعتبارات عدة، أولها ارتفاع هامش الربح بشكل كبير ومبالغ فيه، وبشكل غير مرتبط بأية تغييرات عالمية، وهذا ينطبق على كثير من المنتجات المستوردة من أوروبا وغيرها، خصوصاً السيارات، وجميعنا يمكنه ملاحظة الفرق بسهولة، خصوصاً مع صعوبة إخفاء مثل هذه المعلومات في عصرنا الحالي!

لذا لابد من الرد على هذا العذر غير المقبول، قبل أن تستغل وكالات السيارات هذا التبرير، وتطرحه كعذر أمام دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، التي بادرت بشكل طيب لبحث ظاهرة ارتفاع أسعار السيارات الأوروبية، في الوقت الذي ينخفض فيه اليورو، وبدأت تحركاتها واتصالاتها مع الوكلاء للاجتماع بهم قريباً لمناقشة هذا الأمر.

قبل أن تعيد وتكرر وكالات السيارات هذا العذر، عليها أن تجيب عن السؤال ذاته، لكن بطريقة معكوسة، وهي «هل كانت أسعار السيارات الألمانية والأوروبية ستبقى على حالها ولن ترتفع، لو ارتفع سعر اليورو؟ هل سيصبر الوكلاء ستة أشهر كي يرفعوا الأسعار، بحجة أن تعاقداتهم كانت قبل ارتفاع اليورو؟!».

بالتأكيد هذا لن يحدث، وأي ارتفاع في سعر صرف اليورو أو الدولار أو برميل النفط، فإن الأسعار جميعها سترتفع فوراً، ومن دون مقدمات، بل إنها ترتفع منذ لحظات التكهنات والتوقعات، وقبل حدوث الارتفاعات، لذا فإن عذر التعاقدات السابقة لن يقنعنا كثيراً، والتجارب السابقة تجعل تصديق هذا العذر أمراً صعباً!

وإذا افترضنا صحة ذلك، وقدمنا حسن النية، وصدقنا هذا التبرير، فإن المنطق يحتم أن ننتظر ستة أشهر مقبلة، عندها يجب أن تنخفض أسعار السيارات، والسلع الأوروبية جميعها، وذلك وفقاً لتحليل وتبرير صاحبنا رجل الأعمال، لأن تعاقداتها ستكون وفق أسعار اليورو المنخفضة حالياً، فهل نثق بالوكالات التجارية، وننتظر لنرى الفرق بعد ستة أشهر، أو أننا نثق بالتجارب السابقة، من باب أن التجربة خير برهان؟ والتجربة علمتنا أن أسعار السيارات لا تنخفض هنا أبداً، مهما حدث من متغيرات عالمية، ولعل سنوات الأزمة المالية خير دليل على ذلك!

أخيراً، ما نعرفه جميعاً أن التعاقدات التجارية بين الوكلاء المحليين والشركات الأم، غالباً ما تكون تعاقدات طويلة الأجل، بمعنى أن عمليات الدفع لا تكون فورية ولا كاملة عند شراء السلع، وتالياً فلا مبرر أبداً لعدم التأثر بفرق العملة، والإصرار على رفع الأسعار، حتى بعد انخفاض العملة، أمر يدعو إلى الدهشة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر