الإبداع ليس عصفاً ذهنياً

يسعى معظمنا إلى التميز وتطوير الذات والبعض لا يكتفي بتطوير ذاته فقط فيسعى إلى تطوير عمله، وقد يمتد هذا السعي لتطوير مؤسسته وبلده، ولأن الحياة قصيرة وقد لا تتوافر كل الموارد، ولأن الأمل كبير فلابد أن يبتكر الإنسان طرقاً سريعة وأقل كلفة وأكثر فعالية وكفاءة لإنجاز المهام وفي الوقت نفسه لتحقيق توقعات المعنيين. ولابد أن نفرق بين «الابتكار» و«الإبداع»، فبحسب «وزارة الأعمال والإبداع والمهارات» في بريطانيا، فالابتكار هو توليد أفكار جديدة، أما الإبداع فهو تطبيق تلك الأفكار لتتحول إلى منتجات أو خدمات ذات قيمة. ويعرف «بيتر دراكر» الإبداع بأنه «تغيير يؤدي إلى تحسين في الأداء» وقد شهدت جدالاً ونقاشات كثيرة في الفرق بين المفهومين، ولا أرى داعياً لذلك الجدال فالأهم أن نبدأ ونحاول أن نقوم بأي منهما أو كليهما.

وما يحدث في عالمنا العربي شيء من اثنين، إما أن نبالغ في ترجمة معنى الإبداع فنرفع سقف توقعاتنا، بحيث لا نتقبل أية فكرة بحجة أنها غير إبداعية دونما الاتفاق أصلاً على تعريف لمفهوم الإبداع، أو العكس تماماً وهو أن نلصق كل عمل أو فكرة سطحية حتى لو لم تنفذ بأنها «إبداع»، وقد يحدث أن يختزل الإبداع في جلسات «عصف ذهني» لا تتكرر ومن دون منهجية ولا تتم متابعة ما ينتج عن تلك الجلسات. وتجدر الإشارة إلى أن جلسات العصف الذهني هي أداة رائعة وعملية لحل المشكلات ولتوليد الأفكار ولست ضدها لكني غير مقتنع بتسطيح واختزال الإبداع في تلك الجلسات وربطه بها، لدرجة أن البعض قد فهم أن الإبداع هو مجرد «جلسات عصف ذهني»، وبالتالي فقد معناه.

إن فكرة بسيطة قادت إلى منتج رائع وكانت عن طريق الخطأ ولكنها ستظل فكرة إبداعية، وهي فكرة ملصق الورق الأصفر الصغير الذي نكتب عليه المهام التي ننوي تنفيذهاSticky Notes، والتي قد تكون أمامك الآن. وفكرة سيرك «دو سولي» تعتبر إبداعاً، وتحويل بعض الخدمات الحكومية ليتم تسليمها وأنت داخل سيارتك تعتبر إبداعاً، والموسيقى التي يؤلفها «عمر خيرت» تعتبر إبداعاً، والطالب الذي يكتشف طريقة جديدة فاعلة في التحصيل والوصول لنتائج ممتازة هي إبداع، وكثير من منتجات «إيكيا» تعتبر إبداعاً. وكل أفكار «ستيف جوبز» كانت أفكاراً ابتكارية وبمجرد أن حولها إلى منتجات وخدمات ذات قيمة أصبحت إبداعاً. هناك الكثير من الدراسات والمعايير والمواصفات في مجال الإبداع، لذا يجب أن نستفيد من تلك التجارب ولا نهدر الوقت.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .