مزاح.. ورماح

كلام في الغرام

أحمد حسن الزعبي

لكثرة ما يشاهد المواطن العربي مسلسلات سورية ومصرية وتركية (مدبلجة)، تتحدث عن الحب والرومانسية الخيالية والغراميات المغلفة بـ«السولفان»، صار من المفروض أن يقف أي منا على حافة الكنبة، ويلقي في عيني زوجته قصيدة غزل من البحر السريع، وأن يصحو باكراً ليقص لها باقة من الورد الطازج من حديقة البيت ــ إن وجدت ــ وأن يفاجئها بباقة على الغداء، وضمة بقدونس على العشاء، إذا نفِد ورد البيت والمحال القريبة، طبعاً مع عدم إغفال عزف أكثر من مقطوعة موسيقية على الكمان والبيانو والربابة أثناء نومها، وفور صحيانها، وأثناء سلق الدجاج على الغاز.. «آآآخ..

يا حسرة».

كلما فتحت على مسلسل عربي تدهمني موجات الحب والعيون الـ«مسبّلة»، والكحلة الممطوطة التي تكاد تلامس شعار المحطة المثبت في أعلى يمين الشاشة، نحن أمة حبّ وغرام ومواعيد وبعض الخيانات.. إذا كانت كل هذه المسلسلات تضخّ صباح مساء غراميات مغلّفة ومثالية في التعامل والعشق، فمن أين أتى كل هذا الكره، وهذا الكمّ من المشاجرات والمشاحنات والقتل النوعي والتباغض والطلاق و«المرمطة»؟! ومن أين أتت كل هذه الملفات الصفراء المكومة في المحاكم الشرعية، التي تضم بين دفتيها عشرات الآلاف من قضايا رفع النفقة إذن؟!

لماذا لا نشبه أنفسنا؟ لماذا لا توجد دراما واقعية تنقل حياتنا «الخام» من دون تكرير، لتتحدث عن مشكلاتنا وقضايانا وحياتنا وسياستنا وتخبطنا في إدارة شؤوننا، وتخلفنا الثقافي والاقتصادي وفوضانا في شوارعنا؟! لماذا دائماً نصرّ على أن نظهر إما بأدوار بطولة و«زقرتيه»، كما في «باب الحارة» و«مشتقّاتها»، أو أدوار رومانسية وحب وغرام وجماليات تصلح لأن تكون من قصص الخيال، أو أغلفة مجلات «ستّاتية» كما في «حريم السلطان»؟

بالمناسبة رئيس الوزراء التايلاندي أبدى امتعاضه هو الآخر قبل فترة مما يبث على قنوات بلاده، فأمر مجموعة من كتّاب السيناريو والمسرحيات أن يركزوا على قضايا المجتمع في ما يكتبون، بحيث يكون العمل له قيمة اجتماعية مضافة إلى القيمة الفنية، غير مستبعد أن يقوم هو بكتابة ذلك بنفسه إن لزم الأمر.

نحتاج إلى ثورة فنية حقيقية تسهم في حل حزمة من عقدنا الكثيرة والقابلة للتصدير، فقد مللنا الدراما الفنية الموجّهة لعزيزاتنا من فئة «نقّارات الكوسا».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر