مزاح.. ورماح

أصابع ومطرقة

أحمد حسن الزعبي

إليكم الخبر المؤلم كما وصلني:

مصر ــ القاهرة

شرطة المنامة تلقي القبض على أب قام بالانتحار بعد تسببه بعاهة دائمة لابنه، تفاصيل القصة كما وردت في الخبر، بينما كان الأب يغسل سيارته الجديدة في كراج بيته، أخذ ابنه البالغ من العمر سنة ونصف السنة مسماراً وخدش به جانب السيارة الحديثة، فانتابت الأب نوبة غضب شديدة قام على أثرها بتحطيم أصابع ابنه بالمطرقة من دون وعي، حتى أغمي على الطفل، وفي حالة من الذهول والخوف، حاول الأب إسعاف طفله إلى المستشفى، هناك تبيّن أن الصغير قد فقد إصبعه تماماً، وقال شهود عيان إن الأب أصيب بنوبة بكاء عندما سأله الطفل ببراءة تحت التخدير: متى سينبت إصبعي يا أبي؟ وظل الأب يشعر بتأنيب الضمير فخرج من قسم الطوارئ نحو سيارته الجديدة وضربها بقوة بالمطرقة ذاتها ثم جلس خائر القوى، وأثناء النظر إلى السيارة دقق جيداً بمكان الخدش الذي أحدثه ولده البريء فقرأ عبارة محفورة في دهان السيارة «أحبك يا بابا»، وفي الليلة نفسها لم يتحمل الأب تأنيب الضمير الشديد فأقدم على الانتحار.

انتهى الخبر.

يرجى قراءة الخبر أعلاه مرة ثانية بمزيد من التركيز: أولاً ما علاقة القاهرة بشرطة المنامة، ثانياً: لماذا ينظف الأب سيارته ومعه مطرقة؟! ثالثاً: عمر الولد سنة ونصف السنة فكيف تمكن من كتابة عبارة «أحبك يا بابا»!، وكيف تمكن من نطق عبارة طويلة مثل «متى سينبت إصبعي يا أبي»، وأخيراً وليس آخراً، هل يتم القبض على شخص وهو منتحر؟

شكراً على الاندماج التام بأحداث القصة، نحترم الألم الذي رافقها لحظة القراءة ونحترم الإحساس العالي والتعاطف مع الطفل وربما مع والده، رغم الصياغة الغريبة وتناقض الأحداث والوقائع، فهكذا تصاغ جل الأخبار السياسية في العالم، ننساق وراء «محامي الإحساس» العاطفة ونترك «مطرقة» القاضي العقل.

قد تكون القصة السابقة متداولة أكثر مما يجب، لكن مازلنا نتهم المطرقة وإن كانت غير موجودة، ونتعاطف مع الأصابع وإن كانت متورطة!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر