كل يوم

نفخر بمريم وإخوانها.. ونخاف عليهم

سامي الريامي

أقدر وأثمّن وأفتخر بالمجهود الذي يقوم به سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، فهو إحدى الكفاءات الدبلوماسية الإماراتية المبدعة والمميزة، وهو، ضمن سفراء قليلين جداً، يتمتع بتأثيره القوي في دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا دون شك إنجاز كبير لم يصل إليه يوسف إلا بعد جهد ومشقة وتعب، لكنني أختلف معه وبشدة، حينما كشف عن طريق «تغريدة» وتصريحات له، عن هوية الرائد طيار مريم المنصوري، المقاتلة الإماراتية التي تشارك في قصف أوكار «داعش» والإرهابيين في سورية.

الإمارات دخلت هذه المعركة ليس من أجل استعراض طائراتها أو مقاتليها، مع أننا نفخر بهم جميعاً، ونتشرف بفعلهم، لكنها حرب خاضتها الإمارات من أجل حماية أمن واستقرار المنطقة وشعوبها.

أختلف معه، ومع جميع من نشر صور مريم، وكتب عنها، في مواقع التواصل الاجتماعي، فليس المجال هنا للاستعراض أو التفاخر، أو إرسال رسالة للغرب، لتحسين الصورة النمطية عن المرأة في بلادنا، ولكي نثبت لهم أننا في مجتمع نساوي فيه بين المرأة والرجل، ليس المجال هنا لهذه الأشياء وغيرها، فمريم ليست في نزهة، وليست فتاة إماراتية تسلقت جبال الهيمالايا، ورفعت علم الدولة حتى ننشر صورها، مريم طيارة مقاتلة تخوض حرباً جدية ضد تنظيم خطير ومخيف، فهل نعرف معنى ذلك، ونقدر مخاطره وحساسيته؟!

مريم مع إخوانها تذود عن وسطية الإمارات وقيمها، وتتحمل عبء المعركة دفاعاً عن إنجازاتنا وأمننا وموقفنا المقدر عالمياً ضد الهمجية والظلام، إنها معركة ضد إرهاب شامل، لا يفرق بين دين أو جنسية أو طفل أو امرأة، معركة ضد عصابة إجرامية خطيرة جداً، لا يردعها دين أو شرف أو إنسانية، يعاملون أعداءهم ومن يختلفون معهم في الرأي بأبشع ما يمكن، وأبشع مما يتصوره أي عقل، فهل من الحكمة نشر صور من يقاتلهم ويدك اوكارهم بهذه الطريقة؟!

الإمارات دخلت هذه المعركة ليس من أجل استعراض طائراتها أو مقاتليها، مع أننا نفخر بهم جميعاً، ونتشرف بفعلهم، وندعو الله ليل نهار أن يحفظهم وينصرهم، لكنها حرب خاضتها الإمارات من أجل حماية أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، وهي حرب ضروس ضد الإرهاب قبل استفحاله، وانتشاره، ووصوله إلينا، وحرب ضد التطرف والتشدد، والأفكار الرجعية المتخلفة، لذا فالطائرات الإماراتية لا تتنزه فوق رؤوس «الداعشيين»، إنما هي تؤدي واجباً وطنياً، فيه جانب كبير من المخاطرة والتضحية، ولا مجال هنا لإقحام التواصل الاجتماعي و«فيس بوك»، و«تويتر»، ودخول من لا يُقدِّر حجم المشكلة، ويعتقد أن الإسهام في نشر صور مريم عمل وطني، في حين أنهم بذلك يعرضونها للخطر!

خطورة هذه الحرب تتمثل في أنها طويلة الأمد، وقد تستمر سنوات عدة، إضافة إلى أنها ضد تنظيم منظم، وعدو ليس سهلاً، وربما أخطر ما في هذا التنظيم انتشار فكره ووجود متعاطفين معه في أماكن عدة، مع بالغ الأسف، وهؤلاء لا يعلم بوجودهم أحد، فأي حكمة هذه التي تجعلنا نكشف عن هويات من يقاتلهم، ونضع صورهم، إنها قضية خطيرة يجب إيقافها فوراً، فلا مجال هنا للتفاخر بعمل امرأة، إنها هنا ليست امرأة فقط، بل مقاتلة ضمن مجموعة من المقاتلين الإماراتيين، ويجب التعامل معها على هذا الأساس، ولم يسبق لأي دولة في العالم أن نشرت هويات مقاتليها على مواقع التواصل الاجتماعي، فهل ندرك خطورة ذلك ونتوقف عنه فوراً؟

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر